اعتقد ما شئت ... ودعني أعتقد ما أشاء

من أرشيفي
نجاة فخري مرسي

هنالك في عالم الانسان، أي انسان، معتقدات ايجابية حينا، وسلبية أحياناً. واذا استعرضنا بعضها في مجالات السلب والايجاب/ نجد هنالك من يعنقد مثلاً:
1- أن التغنّي بجمال القمر، أسهل من الصعود أليه ...
2- أن تجهيل المرأة أفضل من تعليمها ...
3- أن القضاء على ذوي العاهات المزمنة ضرورة حضارية لتنقية المجتماعات البشرية (على رأي النازية) ...
4- أن العداء والثأر أفضل من التسامح وترك الأمر في يد القضاء ...
5- أن الفلتان الاخلاقي حضارة وتمدّن ...
6- أن القرصنة والسلب، ضرورة تفوق الأمانة والايمان ...
7- أن حياة المتألم المستغيث، والميئوس من شفائه، أفضل من نظرية "الموت الرحيم" ...
8- حتى هنالك من اعتقد أن الطاغية "نيرون" كان محقا عندما أحرق روما، وجلس يتمتع برؤيتها وهي تحترق، ما دامت في حرقها سعادة ومتعة لسعادته...
9- وحتى أيضا هنالك من اعتقد أن "حائط برلين" بعد الحرب العالمية الثاني وسقوط المانيا، كان ضرورة ولمصلحة برلين الغربية وبرلين الشرقية...
وهنالك طبعا من اعتقد العكس، وأصرّ على تفضيله للايجابيات كونها الأكثر انسانية للانسان...
وأنا شخصياً أعتقد أن اختلاف المزاجات والآراء والمعتقدات، والسلب والايجاب في المجتمعات الانسانية دليل صحة ...
ملبورن – أستراليا

البحث عن الشعارات الحديثة

نجاة فخرى مرسى
من أرشيفي
بينما كنت أمر قرب ساقية، وجدت خمسة شيوخ يشربون، ثم يستظلّون شجرة ويظهر عليهم التعب وربما الإرهاق، فما كان مني إلا اقتربت منهم بدافع الفضول، وألقيت التحية، فردوا بأجمل منها، ودعوني إلى الجلوس معهم لأنهم على سفر مستمر يبحث كل منهم عن ضالته، ثم يلتقون قرب الساقية للشرب والراحة.
أثار فضولي هذا الكلام، وسألت نفسى ماذا تكون ضالة كل منهم؟ وما الضرر في أن أسأل، فإذا صارحوني كان بها، وإن رفضوا المصارحة فلا بأس من أن أعتذر عن فضولي وتطفلي، ثم أتركهم وشأنهم لأن عالمنا اليوم مليء بالأحاجي. سألت معتذرة إذا كان باستطاعتي أن أفعل شيئا، وأبحث معكم عن ضالة كل من يريد أن أساعده.
أجابني الأول: أنا من بلاد الشرق أوسطية وضالتي ما سمي بالاستقلال والديموقراطية.
قال الثاني: أنا من أرض بابل وبين النهرين وضالتى حقوق الإنسان.
قال الثالث: أنا من مقاطعة الشيشان وضالتي الانفصال والأستقلال.
قال الرابع: أنامن فلسطين وضالتي التحرر واستعادة أرضي
قال الخامس: أنا من القارة الأفريقية وضالتي لقمة العيش والثأر ممن سلبوا مقدراتي وتركوني أعاني من الفقر والجوع .
فهل بامكانك أن تدلينا على إحدى هذه الضالات ؟
قلت أنها شعارات حديثة في بلادكم ولا أعتقد أنكم ستعثرون على واحدة منها في الوقت الحاضر. انخدعتم بوجودها لأنكم أيها الأخوة الأجلاء قد فاتكم أن تتفقوا أولاً على حقيقة وجودها أو عدمه
ما دمتم لا تتفقون والأهم والأفضل لكم أن تتفقوا فيما بينكم أولا على طُرق تحقيقها في عالمكم واستبدالها بما يناسبكم بدلا من استيرادها.
ملبور ن - أ سترا ليا

سباق الجاليات الأثنية

نجاة فخري مرسي
من أرشيفي

منذ أن وطأت أقدامنا أرض أستراليا المباركة، ومنذ أن بدأنا نرى سباق الجاليات الأثنية تقوم بعرض حضاراتها وتراثها الفني في المجتمع الاسترالي المتعدد الحضارات، وأنا أحلم في أن تدخل جاليتنا العربية في الولايات الاسترالية السبعة هذا السباق.
واليوم وبعد أن احتفلنا بالمهرجان العربي السادس في ملبورن، وبعد أن شاهدت مهرجان دول أمريكا اللاتينية الرابع في مركز ملبورن للفنون، جلست في هذا المهرجان أحلم من جديد، وأتصوّر لو أن مهرجانا فنيا مماثلاً، وعلى نفس المستوى، لمجموعة دول الشرق الأوسط التي يزيد عددها عن العشرين دولة في استراليا والتي يجب أن يكون بإمكان تراثها الفني والحضاري أن يملأ أكثر من ثلاث ساعات، التي ملأتها ست دول من أمريكا اللاتينية.
كنت متفائلة في أحلامي، فأخذت أستعرض في تأملاتي مسرحيّتي "الخيام السود" و "أيام زمان" لفرقة "كراكلا" اللبنانية اللواتي عرضتا على مسارح لندن، وهي تعرض أفراحنا التقليدية من الأردن ومن الصعيد المصري ومن شمال العراق بالملابس القومية المزركشة، وتعرض الرقصات الشعبية وزغاريد الأفراح، وأهازيج نقل جهاز العروس، ورقصة الدبكة الجماعية وجرن الكبّة، وخبز الصاج والمهباج، ودقّ القهوة والكثير من عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا. هذا في المسرحية الأولى، أما في المسرحية الثانية فقد أبرزت رقص الهوانم، وجلسات الشعر والطرب في القصور العربية وزمان ألف ليلة وليلة.
تذكرت أيضاً أعمال "فرقة رضا" و "فرقة الفنون الشعبية المصريتان بعد تطوير خطوات الرقص الشعبي من أقاصي الصعيد وبلاد النوبه وتقديمها بنكهتها الأصلية على المسارح العالمية، انتاجاً دافقاً مستمراّ لا ينضب له معبن...
تذكرت فرقة مهرجانات بعلبك اللبنانية التي قدّمت في تابلوهاتها الراقصة والغنائية، كل فريد من تراث مجتمعنا، على مسرح جوبيتر في قلعة بعلبك، وتذكرت أوف وديع الصافي، والمجوز، والشبابه وغناء فيروز على ألحان الرحابنة، وغناء صباح ونصري شمس الدين.
تذكرت فرقة الفنون الموسيقية العراقية، التي حضرت الى أستراليا فسحرت الجمهور بإيقاع السنطور والطبلة.
تذكرت الملايه اللف، ومنديل الأويا الاسكندراني ورقصة "البمبوطيه" وشبابة محمد عبدو ورقصة الخيل في مصر.
تذكرت كل هذا التراث ... كل هذه الدول الشرق اوسطية ... كل هذه الجاليات الممثلة في استراليا، وكيف انها ما فكّرت يوماً بإنتاج عمل جماعي كبير تحضره سبعون جالية في ليلة واحدة، مثلما فعلت ست جاليات من أمريكا اللاتينية في مركز ملبورن للفنون.
وهنا وجدت أن لا عذر لنا، لأن لدينا الكثير من احتياجات العرض المطلوب في استراليا. لدينا فرق دبكة، مدرسة تعلّم الرقص الشرقي للناس، مجموعة فرق موسيقية ومطربين ومطربات. لدينا جمعيات اجتماعية، وجهات نسائية مجتهدة في اقامة المعارض القومية والكثير من احتياجات العرض من سجّاد ونحاسيات، وأشغال يدوية ولكنها وللأسف مجزّأة، وكل يغني على ليلاه، ولو تكاتفت هذه المؤسسات بامكاناتها الفنية والبشرية بعمل جماعي واحد لخدمة المصلحة العامة، لوجب أن نقدّم مهرجانات عربية لا تُضاهى ... ولتجسّدت أحلامي وأصبحة حقيقة.
ملبورن _ أستراليا –

أهمية الوعي الصحي في المجتمعات الانسانية

نجاة فخري مرسي
من أرشيفي:
الوقاية خير من العلاج

هذا الموضوع لا علاقة له بالأطباء أو بالوصفات الطبية أو العلاجية،
وإنما هو موضوع تربوي وقائي من أخصّائية في التربية الصحية.

أنا أراهن، ولن اخسر الرهان، إذا قلت ان فصل الشتاء الحالي لم يسلم فيه احد من فيررس الانفلونزا، لذلك وجدت نفسى مضطرة الى الكتابه في موضوع جديد على قلمي وإن يكن ليس بالجديد على احد تخصصاتى فىالتنمية الإجتماعية والتربية الصحية.
من الدراسات التى توليها الدول المتحضرة الكثير من الاهتمام بالتربية الصحية التى تعتمدها منظمة الصحة العالمية لنشر الوعي الصحي الوقائي بواسطة معاهد اليونيسكو المنتشرة فى العالم.
وللاستفادة مما تعلمته في هذا المجال، لا بدّ لي أولاً من مطالبة الدولة الاسترالية في ادخال مادة "التربية الصحية" في مناهج التدريس الابتدائي والثانوي ومن عمل حملات توعية لربات المنازل، كيف يعرفن، ثم يُعرّفن اولادهن وأفراد أسرهنّ عن طرق وأساليب الوقاية من الأمراض المعدية مثل الانفلونزا مثلاً، كما أن على الوعي الوقائي أن يلعب دوراً كبيراً بالنسبة لأرباب العمل في المجتمع، بأن يسمحو للموظف المصاب بالانفلونزا وحامل فيروسها اللعين أن يلزم الفراش الى أن يتعافى، رأفة به وبالزبائن، أولا للحد من خطر المضاعفات التي قد تصل به الى المستشفى، هذا اذا لم تودي بحياته. وثانيا لحماية كل من يخدمه، لأن الانفلونزا معناها اذا لم تراعى المضاعفات، (والمضاعفات المعروفة نزلة صدرية، تصل أحيانا الى لفحة رئوية "نومونيا" خطيرة وكلنا يعرف هذا).
تقول الاحصائيات التي نقرأها كل يوم عن عدوانية هذا الفيروس اللئيم أنه قد لا يتأثر بالمضادات الحيوية، وانه اذا نزل الى الصدر اصابه بنـزلة صدرية وسعال، واذا وصل الى الرئة أصابها بلفحة تدعى "النومونيا" التي تتطلب الالتجاء الى المستشفى، وقد بينت تقارير منظمة الصحة العالمية أن هذا المرض الذي اعتدنا ان نعتبره عارضا موسميا بسيطا قد أصبح يقتل الملاييين كل عام، خاصة في المدن المكتظّة بالسكان والتي يفتقر سكانها الى حكمة الوقاية بمعنى أن يحاول المريض أن لا يزور ولا يُزار أثناء مرضه ولا يقبّل الأصحّاء فيعطيهم العدوى.
هذا في المدن الواعية، والغنية، فما بالك في البلاد الفقيرة التي ينقصها الوعي، وتخجل من تبني السلوك الوقائي، والتي لا تستطيع أكثر أو أقل من حياة شعوبها ثمنا لتفشي مثل هذه الأمراض المعدية.
ما زلت أذكر ولا أنسى عندما كنت في الدورة الدراسية للتربية الصحية في معهد اليونسكو بالقاهرة، عبارة قالها الدكتور سعيد عبدو خبير الصحة العالمية في احدى محاضراته وهو يتحدث عن أهمية التربية الصحية واساليبها التقنية في نشر الوعي للوقاية من الميكروبات التي تسبب الأمراض. والعبارة هي: "لو علمت كل ربّة منـزل عندما تقتل ذبابة واحدة في فصل الربيع (فصل الإخصاب) تكون قد وفّرت على البيئة ولادة 36 مليون ذبابة".
أذهلني في حينه هذا الرقم، لدرجة أنني اعتبرتها دعاية من الدكتور المحاضر، ولكنه عاد وأكّد لنا بأنه رقم حقيقي بناء على دراسات الصحة العالمية.
طبعاً حفظتها حكمة، واعتبرت أن تطبيقها واجب عليّ وعلى ربّة كل منـزل وبكل صدق، وبكل فخر أقول أنني ما زلت أطبقها بلا هوادة منذ أوائل الستينات حتى يومنا هذا. إذن نجد أننا أمام مشكلة ممكن التخفيف من ضررها بنسبة مقبولة، ونجد أيضا أن لكل فرد في المجتمع دور هام في الحد من انتشار الأمراض المعدية قبل أن يستفحل أمرها وتصل بنا الى الطبيب والمستشفى والمضاعفات والمصاريف التي قد ترهق ميزانيتنان أو تؤدي بصحتنا وصبرنا وربما بحياتنا.
المطلوب بكل بساطة الآتي:
- عزل المريض عن الأصحاء
- أن يفهم المريض، وبروح رياضية أن لا يزور ولا حتى يُزار الى أن يتعافى.
- أن لا يُقَبّل الآخرين أثناء مرضه.
وبذلك فقط نستطيع جميعاً أن نحد من انتشار العدوى.
تحضرني الآن بعض الأمثلة للدعاية (دون حساسية لأحد طبعاً) وهي:
· يتصل بك صديق ليخبرك بأنه قادم لزيارتك، فتخبره بأنك آسف لعدم قدرتك على استقباله لأنك مريض بالأنفلونرا، ولا تريده أن يأخذ منك العدوى أو تنقلها الى أسرتك ... فيجيبك بكل مودة:
· لا عليك يا صديقي، أنا لا آخذ العدوى ممن أحب.
· أو يحضر لزيارتك صديق مُصاب بالأنفلونزا والسعال والعطاس، فتقول له، كان من الأفضل أن لا تخرج من فراشك حتى لا تتعرض للمضاعفات، أو تنقل إلينا العدوى، فيقول لك بكل شهامة ومودة: لا تخف يا صاحبي أنا لاأعطي العدوى لمن يحبني.
· خلاصة الكلام أننا نهيب أيضا بالأطباء أن لا تقتصر أدوارهم في مثل هذه الحالات على صرف العلاج فقط، بل يتعداه الى تعريف المريض بطرق الوقاية من أخذ المرض أو نشره بقدر الامكان بين الأصحاء.
· كذلك أعود وأذكر الحكومة بدورها في حماية البيئة وان لا يقتصر دورها على توفير الطبابة أو صرف الأدوية أو العلاج المجاني لبعض المرضى وانما يتعداه الى رعاية الانسان قبل الحيوان.
نشر في جريدة المصري في 19/9/1999