نافذة على الجوائز السياسية

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف
إنه لمن فضائل الديمقراطية الغربية انها تظهر اسرار المؤامرات السياسية ولو بعد حين. والدليل على ذلك فضائح "ووترغايت"، و "ايران غايت" و "الكونترا غايت" في امريكا وغيرها وغيرها.
وانه لمن رذائل ديمقراطياتنا المزعومة انها تمنع ظهور الحقائق وتخفيها في مثل هذه "الغيتيات". والا لكانت شعوبنا العربية قد عرفت حقيقة ما وراء "الكويت غايت" واسطورة تحرير الكويت حباً بمبدأ التحرير.
لقد صدرت كتب عالمية كثيرة قبل وبعد حرب الخليج وقرأتها شعوب الغرب بحرية مع أن أكثرها كان يوجه الادانة للرئيس بوش والكونغرس الامريكي، ومع ذلك لم تمنع من دخول اي بلد غربي، أو يوقف نشر بعض فقراتها المتفق على نشرها كما حدث لكتاب محمد حسنين هيكل مجرد انه وضع الحقائق مجردة أمام القارئ دون ان يُقحم رأيه الشخصي فيها.
ولكن كثيراً ما نجد انفسنا امام حقائق ساطعة كالشمس من الصعب اخفاؤها.
وأمام تجارب جديدة لم تكن بالحسبان مثل مأساة "شعب البوسنة" مثلا، التي تقف شعوبنا وحكوماتنا امامها ساكنة ساكتة وكأن على رؤوسها الطير (او كان امامها عصا العم سام) (فرعون القرن العشرين) ولا فرق بين بوش او كلنتون لان كلاهما يخيفنا وندين له بالطاعة العمياء.
منذ اندلاع حرب البلقان واصرار "الصرب" على طرد شعب البوسنة من ارضه والاستيلاء عليها "منظفة" على حد قولهم، والعالم يتساءل: لماذا لم تتحرك الدول العربية والاسلامية لمساعدة اخوانهم وحمايتهم؟ ولماذا لم تتدخل امريكا ودول التحالف او هيئة الامم لحماية البوسنة بنفس الحماس الذي تدخلت به في الماضي القريب في الخليج لحماية شيوخ البترول؟
وفعلا فنحن لا نرى من امريكا ومن دول التحالف في شرق العالم وغربه ووسطه سوى الصمت المريب.. ولا نرى من الدول العربية والاسلامية سوى النوم العميق العميق.. ولا نرى من هيئة الامم المتحدة سوى المناورات لكسب الوقت – وخداع الرأي العام العالمي بأنها تفعل ما بوسعها ما دامت تنقل لهم اكياس الطحين تحت وابل من القنابل الصربية وبعد ان طال امد المناورات في حركاتها والسيناريوهات في مكاتبها. ولم تسقط البوسنة في ايدي الصرب، لم تجد هيئة الامم المتحدة امامها سوى ابتكار تمثيلية جديدة توحي فصولها بأنها تجتهد في حماية نساء وشيوخ واطفال المسلمين المنكوبين، وذلك بمساعدتهم على الخروج من جحيم الحصار والموت المحتوم. (والحقيقة هي انها متواطئة على تسريع النتائج وتنظيف الارض من اصحابها ليتسلمها المعتدون نظيفة من اهلها، كما سبق وفعلوا بشعب فلسطين منذ حوالي نصف قرن) والتاريخ دائما يعيد نفسه والاستعمار دائما لا يعدم الوسيلة عندما تتوافر له الفرص.
وللرد على اسئلة العالم لماذا لم تصدر هيئة الامم قراراتها الساخنة الصارمة؟ ولماذا لم تندفع قوى التحالف الدولي بكل قواها الى الباس هذه القرارات ثوب الشرعية الدولية ثم الاسراع في تنفيذها بحذافيرها، بما لديها من قوى عسكرية وحربية وتكنولوجية كما فعلت في حرب الخليج؟
نعرض الاسباب الحيوية التالية:
1- لان مرغريت تاتشر لم تعد موجودة في السلطة لتشعل الفتيل كما اشعلته في الخليج..
2- لان جورج بوش مغلوب على امره ولا يستطيع ان يعمل على تحريض دول العالم ومساومتها اما بالتهديد وإما بالوعود لتساعده على تدمير العراق تحت ستار تحرير الكويت.
3- لان هيئة الامم لم تعد قادرة على اصدار القرارات لحماية الامم والشعوب ولخدمة السلام بعد ان اصبحت اداة طيعة في ايدي المهيمنين عليها من دعاة "النظام العالمي الجديد"..
4- لان الاجماع الدولي لم يعد متوفراً، بعد أن فاض الكيل، وتعبت اوروبا من عنجهية الولايات المتحدة الامريكية.
لان العالمين العربي والاسلامي قد سقطا من حسابات العالم الغربي بعد تجربة حرب الخليج، (وخاصة بعد ان طلب المؤتمر الاسلامي الموقر بعدم رفع الحصار عن شعب العراق) فأصبح عالمنا في عداد المفقودين في سماء السياسة الدولية والنظام العالمي الجديد.
5- لان دولة البوسنة المنكوبة لا تستطيع دفع فاتورة التدخل الدولي لانقاذها، وفوقها الارباح، ثم تشغيل الشركات الغربية في اعادة اعمار ما يتم تدميره، مثلما فعلت دول البترول العربي.
ولأنها ايضا ليست كالصومال الواقعة في القرن الافريقي الذي يتحكم بالمدخل الجنوبي للبحر الاحمر.. ولا فيها حقول بترول جديدة اكتشفتها الشركات الامريكية ووجب الاستيلاء عليها قبل ان يعرف شعبها الجائع بوجودها.
والسبب الاخير والاهم هو ان التحالف في مهمة تدمير بلد عربي اسلامي كالعراق تشكل قوته تهديداً واضحاً لاسرائيل ولسلامة شيوخ البترول، اهم واجدى وانفع بلغة الاستعمار الغربي من الاقدام على عملية حربية لانقاذ شعب مسلم كشعب البوسنة الاعزل، ليس له في مخططات الاستعمار وجود، بل وغير مرغوب بوجوده.
وقد يظن البعض مخطئاً ان الصوت الذي اطلقته تركيا مهددة بارسال الاسلحة للبوسنة، قد سكت بدون سبب!!
وقد يظن البعض مخطئاً ان الدول العربية والاسلامية قادرة على مساعدة شعوب العراق، وليبيا، وفلسطين والبوسنة، ولا تفعل!!
وقد يظن البعض مخطئاً ان الجائزة التقديرية التي منحها "خادم الحرمين" للرئيس عزت بيكوفيتش على شجاعته في منع هيئة الامم من ترحيل شعبه عن ارضه، لن تحسم القضية وتحرر "البوسنة"!!
وقد يظن البعض مخطئاً أن مرغريت تاتشر لا تستحق من "حامي الحرمين" جائزة مماثلة على تصريحاتها الاخيرة والدعوة الى تسليح البوسنة، (التي ترمي من ورائها تسعير الحرب وتسويق الاسلحة او تعميق الحساسيات الدينية).
عفواً ايها السادة لقد تذكرت ان الجوائز التقديرية هي اقصى ما يستطيع عالمنا العربي تقديمه لحماية شعوبه من حروب الابادة، وتسلط الدول الاستعمارية على سيادته ومقدراته.
وعفواً مرة اخرى لانني نسيت ان الجوائز التقديرية السياسية تعطى عادة لمجرمي الحروب امثال مناحيم بيغن، وجورج بوش، وليس لضحايا الحروب امثال علي عزت بيكوفيتش.

لقاء مع الدكتور طالب عمران

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف
من الخيال العلمي، ودراسة الظواهر الخارقة، والخوض في أعماق الوقائع الكونية غير المألوفة، الى النشاط التلفزيوني التكنيكي، يأخذك في رحلات الى عمق أعماق النفس البشرية وخفاياها، ثم يعود بك الى التقنية العصرية.
زار استراليا الدكتور طالب عمران، قادماً من سوريا في زيارة عمل اعلامي/تلفزيوني، وهو الاديب الذي استطاع ان يحاكي الخيال دون المساس بالموضوعية العلمية في اكثر من عشرين مؤلفا، وبعد قراءتي لبعض مؤلفاته شعرت بأهمية نقل افكاره الى القارئ العربي في استراليا، وتعريفه على هذه الشخصية العربية الفذة، فكان لي معه هذا اللقاء:

اولا يسعدني أن أرحب بك في استراليا بلدنا الثاني، واتمنى لك رحلة ممتعة وموفقة علميا وعمليا.
· من هو الدكتور والاديب طالب عمران؟
- انا إنسان نشأت من رحم الغيب احمل المشاعر المتدفقة بحب الانسان وأدافع عن نزعته الخيرة، وأسعى لأنبهه الى تطرفه في الشر احيانا والى امكانياته الكبيرة في إغناء مسيرة الحضارة الخلاقة البعيدة عن الأثرة والنرجسية، وهذا الهاجس تملكني في كل ما اكتبه، أشعر وأؤمن أن الانسان كبير في قدراته، ولكنه يقزمها أحيانا باللهاث المجنون خلف المتعة على حساب العقل..
منذ طفولتي وهاجس المعرفة ووعي العالم هو كل همّي، قرأت كثيرا من الكتب وكنت أركز على العلم، ثم بدأت أقرأ التاريخ، ووجدت فيه الكشف الجميل لعوالم انسانية سحرتني بشموخها، والكشف الآخر، المرهق المتعب عدا انحراف الانسان وانحطاطه ولهاثه وراء المتعة... عشت في بيئة بحرية وكان للبحر أثر في كتاباتي الأولية وحين انتقلت الى دمشق شدني سحرها، فلم أعد أقوى على مفارقتها... ومنها بدأت رحلاتي الى دلهي وكراتشي ودكا ومشهد وطهران وموسكو وروما وتريستا ومدريد وباريس وهافانا وجمايكا وكندا الى المغرب والجزائر وليبيا الى أصقاع كثيرة كانت تشدني اليها ثم اعود الى دمشق في النهاية موطن عش الطائر.
· لقد تعودنا ان يكون اكثر زائرينا من الاوطان العربية، إما من السياسيين وإما من رجال الدين، ينقلون الينا هموم البلاد ومآسيها، وربما حساسياتها ايضا، الى أن أصبحنا بشوق زائد الى زيارة العلماء والادباء، والمفكرين ليدوم التواصل الفكري بالوطن الأم، فما هي طبيعة زيارة الدكتور الاديب عمران؟
- أزور استراليا بدعوة من نادي الحضارة والمجلس العربي الاسترالي
بهدف القيام ببحث تلفزيوني عن احوال الجالية العربية هنا... وهي مهمة اعلامية رسمية من قبل التلفزيون العربي السوري، وقد التقيت بمختلف الفعاليات الثقافية العربية وسجلت أحاديث ومحطات اذاعية لبرنامج في الاذاعة سميته (الوطن في القلب)... بالطبع الحاجة ماسة للقاء مع كتاب ومفكرين وعلماء من بلادنا، ليدوم كما ذكرت، التواصل الفكري بالوطن الأم... وقد أجريت لقاءات ثقافية كنت اتمنى أن تكون أعمّ وأشمل لولا أن شهدت ما أحزنني من التنافر في بعض الجاليات العربية وانعكاسات مناصبها الطائفية والسياسية على أعمالها، بدلا من توحدها في الوقوف أمام التحديات الكبيرة التي يواجهنا بها عدوّنا الصهيوني المغتصب للأرض والذي يسيطر على الاعلام في أمكنة عديدة دون أن يتصدى له أحد أحياناً...
· قرأت حتى الآن من مؤلفاتك "خفايا النفس البشرية" و "بئر العتمة" قصص عن ظواهر مدهشة... فشدتني العناوين والمضامين فكيف لنا في استراليا أن نقرأ المزيد من مؤلفات الدكتورعمران؟
- مع الأسف لم أستطع إحضار نسخ من كتبي الـ (27) التي نشرت لي
حتى الآن وترجم ببعضها للانكليزية، وأحمل معي (ديسك) عليه ترجمة
لكتابي (أسرار من مدينة الحكمة) سأحاول طبعه هنا أيضا بعد أن صدرت طبعته الأولى في دلهي بالهند... كتبي العديدة تحكي عن هموم الإنسان ومتاعبه. نشر أول كتاب لي عام 1967 بعنوان "العالم من حولنا" عن وزارة الثقافة السورية، وهو يحكي عن الكون والتقدم العلمي في مجال الفلك، وفي عام 1978 صدرت مجموعة "كوكب الاحلام" وهي قصص من الخيال العلمي للأطفال. وفي عام 1979 صدرت مجموعة قصص من الخيال العلمي بعنوان "صوت من القاع" ورواية من الخيال العلمي هي "العابرون من خلف الشمس" وتتحدث عن رحلة فضاء يقوم بها رواد عرب يضيعون في الفضاء فيهبطون على كوكب متطور وصلت مخلوقاته حداً جعلها تشكل مجتمعا واحدا نبذ البغضاء والكراهية، وانتشرت بينه الرياضات السماوية والحب والموسيقى. وحين يعود أحد الرواد للأرض يفاجأ بحرب ذرية دمرت الكواكب وليس سوى المخلوقات المشوهة وقد قتلت امرأته وابنته في هذه الحروب ولم يبق من مدينته سوى الركام والحطام والسواد... ويرى زهرة وسط الانقاض تقف بتحد، فيقرر البقاء في الارض والمشاركة في اعادة بنائها الصعب... وفي عام 1980 نشرت لي مجموعة "أضواء في الدائرة المعتمة" وهي من الخيال العلمي في بيروت. في عام 1983 نشرت مجموعة "ليس في القمر فقراء" وعام 1985 رواية الخيال العلمي "خلف جدار الزمن"، ونشرت بعد ذلك مجموعة "أسرار من مدينة الحكمة"، ثم "محطة الفضاء" وهي من الخيال العلمي للاطفال، ثم كتاب "في العلم والخيال العلمي" و "الحاسة السادسة دراسة في الظواهر الخارقة" و "الكون يكشف أسراره" ثم "سحر الاسطورة" رحلة في أعماق الهند وهي تصف قليلا من نشاطاتي في الهند وزياراتي لمدنها الغريبة، وحفل بلقاءات ثقافية مع كتاب ومفكرين هنود... ثم صدرت مجموعة "تلك الليلة الماطرة" وبعدها "ثقب في جدار الزمن" عن الهيئة المصرية للكتاب في القاهرة، ومجموعة "السبات الجليدي" ثم مجموعة "الذي أرعب القرية الآمنة" و "شحنة الدماغ" وكتب "كوكب العواصف" و "الكوارث" وروايات "فضاء واسع كالحلم" و "رجل من القارة المفقودة" ثم "المسخ" ثم "خفايا النفس البشرية" و "البئر العتمة" وستصدر لي في هذا الشهر مجموعة "طيور الليل"...
أحمل الهم الانساني في ضلوعي واحاول النفاذ الى عوالم الانسان الداخلية والتحليق على اجنحة خيال تقفز فوق الزمن الى المستقبل البعيد يحلم بعوالم مسكونة بالخير متعاونة متكاتفة لا تعرف الاذى والشر والانانية المدمّرة...
في جعبتي طموح بدأت بتنفيذه فعلا وهو إصدار سلسلة من الروايات العلمية الخيالية للفتيان – والروايات التي تتحدث عن ادب الرحلات دفعت بأولى روايات السلسلة العلمية للمطبعة وهي "حين تبكي الارواح" واول رويات سلسلة أدب الرحلات وهي "احزان السندباد" وسأحاول إن أمدّ الله في عمري أن أتابع هذا الطموح الذي أسعى من خلاله للارتباط بعالم الفتيان الغني اللماح.
· اشتهر كثير من الكتاب بكتابة القصص الخيالية وذهب بعضهم الى تخيل أمور قد تحقق بعضها على ارض الواقع مثل التلفزيون مثلا – فما رأيك وما مدى قربها من تصوراتك وطموحك؟
- بالطبع حقق الانسان الكثير من الانجازات العلمية في هذا العصر لم يكن
يتخيل تحققها فالبساط السحري اصبح طائرة نفاثة والمرأة السحرية
أصبحت جهاز التلفاز، والنفوذ الى الاعماق بالسحر اصبح غواصة
متطورة تمخر عباب المحيط... وغير ذلك كثير وكثير في القرن الماضي تنبأ "جول فيرن" الفرنسي بالوصول الى القمر في روايته المشهورة "من الارض الى القمر" وتحققت نبوءته وحكي عن الطائرات النفاثة والصواريخ قبل اختراعها بعشرات السنين... كان الرائد الاول لما يسمى بأدب الخيال العلمي وتبعه (هـ. ج. ويلز) ثم (اسحاق عظيموف) وارثر كلارك وغيرهم... دخلوا عالم التنبؤ العلمي في اعمال درامية تستوحي احداثها من فتوحات العلم وامكانياتها المجنحة...
وفي عام 1979 اصدرت رواية "العابر من خلف الشمس" تنبأت بها بالشتاء النووي قبل الحديث عنه بنحو ثماني سنوات وحكيت عن الاستنساخ وعن الاغذية المصنعة من النفايات قبل البدء الفعلي بتصنيعها... ما دام العلم بمنطقه يسيطر على الاحداث فيما تكتبه قد تتوصل من خلاله الى تنبؤات مدهشة قد تتحقق في المستقبل.
· أما سياسيا، فما رأيك كرجل فكر وخيال علمي بمستقبل منظمة الأمم المتحدة بعد أن سيطر عليها القرار الاميركي والهيمنة الاميركية "الفيتو" الاميركي عندما تكون لصالح القضايا العربية حتى وان وصلت الى درجة تكسير عظام وتجويع الاطفال؟ أو افتعال المذابح للمدنيين؟
- من قراءاتنا للتاريح ولان المنطق العلمي يسيطر على خيالنا العلمي نقول
ان الزمن لا يرحم الطغاة مهما اشتد طغيانهم... وما يحدث من سيطرة
اميركا المطلقة على الامم المتحدة حول تلك المنظمة الانسانية الى اداة تحاصرها القرارات الاميركية بكل قسوتها وظلمها... ضد رغبات الشعوب المستضعفة وحصارا للانسانية المقهورة المتمثلة بطفل برئ قتلته قسوة الجلاد غير المحدودة. ورغم كل ما يمكن أن يظهر في قراءتنا للمستقبل من تشاؤم فان الامل هو سرّ توهج الحياة في الانسان منذ الاف السنين.
· بسبب البعد وانعدام المراجع سامحني اذا قلت إن معلوماتي عن نشاط المرأة السورية قليلة، وحبذا لو تتفضل باعلامي عن الحركات النسائية السورية والاتحاد النسائي العربي السوري؟
- للمرأة السورية نشاط مميز سواء داخل الاتحاد النسائي، أو في مجلس
الشعب السوري وفيه نائبات كثيرات او حتى في السلطة التنفيذية متمثلة بوزيرتين هما وزيرة الثقافة ووزيرة التعليم العالي والمرأة في سوريا لها مكانتها ودورها في البناء وهي كاتبة محامية قاضية استاذة بقلم عال، عالمة في مختبر، مزارعة طبيبة صيدلانية... وغير ذلك من المهن التي دخلت اليها المراة واتقنتها فدورها ليس ثانويا على الاطلاق، وانما رئيسي فاعل...
· اسمح لي قبل نهاية هذا اللقاء القيّم أن أذهب في رحلة الى خفايا الاسماء. اسم طالب عمران يوحي بطلب العمران فهل أنت موافق أو لا موافق؟ وفي حال الموافقة أي عمران تفضل؟ النفسي... أم الانساني الحضاري... أم اليقظة القومية العربية؟ أم الثلاثة معا؟
- بالطبع اميل للثلاثة معا، فأنا أسعى فعلا لخلاص النفس البشرية من
متاعبها وحالات حصارها وانا ايضا أغرف من ينابيع حضارتنا السورية القديمة والعربية الاسلامية فيما بعد وأتمنى أن يصحى العرب على واقعهم ويتفاعلوا مع التغيير قبل أن يسبقهم الاخرون بمراحل لن يستطيعوا القفز فوقها. تاريخنا المدهش بابداعاته يشكل لنا حافزا على العمل للدخول في القرن القادم بثقة مهما حاولت القوى المسيطرة وضع العصي في العجلات... والانتماء الى أمة علمت البشرية الابجدية يدفعنا للالتفاف حول مبدعينا ليقدموا عطاءاتهم في بلدانهم بظروف صحية مواتية، وليس للآخرين الذين يتحكمون بمصيرنا... وهذا ما أحاول ابرازه في كل كتاباتي... لدينا امكانيات هائلة من العقول المتنوعة لماذا لا نلتفت اليها وندفعها في اتجاه العطاء بدلا من محاصرتها وقهرها؟

عيد سعيد لأمهات العالم

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف

اليك ايتها الام الحنون، يا من علمتنا كيف نفهم اليحاة، ورعتنا ونحن نحبو، وأخذت بأيدينا بعد أن مشينا، وسهرت معنا ونحن نتعلم، وباركتنا عندما تزوجنا وأنجبنا، ولم تنسى أولادنا... اليك نقدم تهانينا.

سأقدم بهذه المناسبة لمحة عن تاريخ انطلاقة فكرة الاحتفال بيوم الام:
- عام 1872 انطلقت الفكرة وكانت صحبة الفكرة سيدة امريكية تدعى "جوليا وورد"
- عام 1887 قامت سيدة اخرى تدعى "ماري تاولز" بمحاولة جديدة لتحقيق الفكرة ثم تلتها عام 1904 السيدة "هارينغ" بحملة واسعة ومنظمة لنفس الغرض. وبعد مرور ثلاث سنوات عن ذلك التاريخ، بدأت السيدة "آن جارفيز" بالدعوة الى جعل يوم الام مناسبة وطنية على مستوى البلاد ككل، وأن يكون موعده في ثاني يوم أحد من شهر ايار/مايو من كل عام، وتقلد فيه كل أم زهرة قرنفل، وتجاوبا مع السيدة جارفيز بدأت كنائس "غراتون" – "فيلادلفيا" مسقط رأسها، فكان أول احتفال بعيد الأم عام 1908. ثم قامت بعدها كنيسة "اندروز ميثوديست" في المدينة نفسها بتكريم السيدة جارفيز، واعتبارها المؤسسة ليوم الام، هذا مع تأكيد اليوم الذي اختارته لهذه المناسبة.
اعتمدت الفكرة رسميا عام 1914 عندما وقع الرئيس الامريكي "وودرو ويلسون" على قرار لمجلس الشيوخ والنواب في امريكا يوجه فيه انظار رؤساء الدوائر الرسمية الى وضع اعتبار خاص ليوم الام. وفي العام الذي تلاه وقع الرئيس ويلسون قراره التاريخي الذي يقول: "انا الرئيس وودرو ويلسون وودارد رئيس الولايات المتحدة الامريكية، أوصي المسؤولين في الحكومة برفع علم الجمهورية على المصالح الحكومية، كما وأدعو الجماهير الامريكية لرفع هذا العلم على بيوتهم وفي كل مكان، وذلك في ثاني يوم احد من شهر ايار/مايو من كل عام، كتعبير جماهيري عن حبنا وتقديسنا للامهات في بلادنا.
وها نحن على ابواب قرن جديد، وعيد الام في اكثر بلاد العالم ما زال مجرد احتفالات تقليدية، وزهرات قرنفل تقلد للأمهات ونحن نتساءل:
لماذا اصبح عيد الام مناسبة تجارية، قبل أن يصبح إجازة رسمية؟
ولماذا نرى في الروزنامات وفي المفكرات تواريخ ومواعيد لاجازات رسمية مثل سباق الخيل المعروف "بكأس ملبورن"، والمعرض التجاري الزراعي "ملبورن شو" وغيره وغيره ولا نجد أي ذكر في استراليا لإجازة رسمية بمناسبة عيد الام، هذا على الرغم من تأثير الام على مشاعرنا واستعمالاتنا اللغوية الشائعة مثل "اللغة الام"، "الوطن الام"، والدنيا أم، والجنة تحت أقدام الامهات.. الام التي تهز سرير طفلها بيمينها، تهز العالم بيسارها، الى آخر هذه الاستعمالات التي تدل على تأثير الامومة على مشاعرنا وعقولنا، وتضع الام – كل أم في مكانها على عرش قلوبنا، لأنها هي التي انجبت كل ما في هذا الكون من ملوك ورؤساء وحكام وسلاطين، وهي التي ما زالت تطالب، ونطالب معها ولها، بيوم واحد كإجازة رسمية في عيد الام، وببدل أمومة تستحقه ويليق بمقامها، وهذا حق وليس منّه.
أخيرا دعونا بهذه المناسبة المميزة، نقدم التهاني للأم العربية في المهجر، التي نجحت في حمل رسالتها، واستطاعت ان تحافظ على قيمها الروحية، وتقاليدها الشرقية في تربية اولادها.
والسؤال المحير هو: لماذا تحوّل ثاني يوم أحد من شهر ايار من كل عام، بقدرة قادر الى 31 اذار في البلاد العربية، والى 10 ايار في بلاد جنوب امركيا، والى 18 اذار في بريطانيا ونيجيريا واختلفت التواريخ في كل بلاد العالم، وأنا أطالب نساء العالم بالاتفاق على يوم واحد ليحتفل به العالم كله في يوم واحد بعيد الام.
وكل عام وكل الامهات بصحة وعافية ليكملن رسالتهن الخالدة.

لقاء مع الاديبة ناديا الجردي نويهض في بيروت

نجاة فخري مرسي
من الارشيف
استأنفت المرأة اللبنانية تحليقها في اجواء الرعاية الاجتماعية والانتاج الفكري، ونشطت بعد الحرب الاهلية المدمّرة المريرة في مؤاساة العائلات المنكوبة ومساعدة من تيتموا وتشرّدوا. ومن فقدوا اجزاء من اجسادهم فأصبحوا معوقين.
هذا الى جانب النشاط الفكري الملحوظ، الذي يكاد ينصب في معظمه على وصف هذه المآسي وتسجيلها في صفحات التاريخ علها تذكر تجار الحروب بجرائمهم فيتاجرون بالسلم والعلم والعمران.
وهنا سأقدم للقارئ العربي في استراليا، واحدة من سيدات المجتمع اللبناني الفاعلات التي شاركت في تأسيس الجمعيات النسائية الخيرية، ونالت على جهودها الادبية والاجتماعية الميداليات والدروع، انها السيدة ناديا الجردي نويهض مؤلفة كتاب "نساء من بلادي" الذي قدّم له الرئيس الدكتور سليم الحص، وكتاب "كلمات من ذهب" المجلد المكوّن ألف صفحة قدّم له وزير التربية السابق الاستاذ بطرس حرب، وقال فيه الناشر في دار الحداثة، انه دعوة للحوار والمحبة والاستفادة من عبرة الماضي، والتعاون على أرض الواقع، والعمل سوية، من أجل مستقبل أفضل.
انها السيدة ناديا الجردي التي تفضلت بلقائي في بيروت، وتزويدي بهذه المعلومات القيمة، التي يسعدني أن أشرك المرأة العربية المهاجرة، في قراءتها والتعرف عليها.
س: سيدة ناديا، حدثينا اولا عن نشاطك الاجتماعي وانتاجك الفكري وعن دوافع احترافك الكتابة والتأليف؟
ج: بدأت بكتابة بعض الوجدانيات وانا بعد على مقاعد الدراسة، ونشرها في مجلة المدرسة، واثناء غربتي الى فنزويلا التي دامت عشر سنوات كنت اراسل مجلة "صوت المرأة" التي كانت رئيسة تحريرها الاديبة ادفيد شيبوب، كما راسلت مجلة "دنيا المرأة" لصاحبتها نور نويهض حلواني.
كانت مواضيعي تدور حول شؤون المرأة في اميركا الجنوبية، وبعض شؤون الجالية اللبنانية وموقعها في فنزويلا.
وعندما رجعت الى لبنان كتبت في العديد من الصحف اللبنانية والعربية وكانت مقالاتي متنوعة المواضيع والاهداف.
كتبت في التربية، في تماسك الاسرة، وفي القضايا العربية والفلسطينية وفي التحرير والفداء.
س: علمت انك تعدين الجزء الثاني من كتابك "نساء من بلادي" لماذا؟
ج: عندما انجزت كتابي "نساء من بلادي" الذي حوت صفحاته العدد الكبير من الشخصيات النسائية اللبنانية الرائدة والفاعلة، شعرت بعد صدوره بانني كنت مقيدة بسبب الحرب الاهلية المريرة في لبنان.
لذلك قررت ان اكمل ما فاتني في الجزء الثاني الذي سيتناول سير بعض الرائدات العربيات، اللواتي اعتز باعمالهن، لانني اعتبر ان كل البلاد العربية بلادي.
س: هل تكونت لديك فكرة تأليف هذا الكتاب الجامع، كحصيلة لما تجمع لديك من معلومات عن الكم الكبير من نسائنا الرائدات ام انها كانت نزعة الصياد الذي يبحث عن الطيور المغمورة النادرة؟
أم أنها كانت ثورة المرأة على ما تراه من تعتيم على تاريخ المرأة وتهميش لدورها في مجتمعاتنا الشرقية؟
ج: اعتقد ان التاريخ قد اهمل دور المرأة اللبنانية، وتأثيرها في مجتمعها وقد يكون ذلك عن قصد او عن غير قصد – كأن التاريخ وقف على الرجال – وكأن المرأة صورة لا تظهر الا اذا كانت متفوقة وفائقة الاشعاع الذي لا يمكن تجاهله.
من خلال بحثي عن تاريخ المرأة، رأيت في لبنان، وفي البلاد العربية نماذج لنساء رائدات لعبن ادوارا هامة ومرموقة في مختلف مجالات الحياة، من فكرية واجتماعية، وحتى سياسية.
هنا قررت من خلال ما عرفته، ان اجمع هذه الحقائق وهذه المآثر في كتاب "نساء من بلادي" لالقي بعض الاضواء، على صراعات المرأة ونجاحاتها، فأقدم الصورة الصادقة الواقعية عن نساء بلادي ولأزيل بعضا من ضباب التمييز الحاصل الذي عتم على تاريخها لازمان طويلة.
حكاية المرأة في لبنان يا عزيزتي، ليست حكاية باقة نظرة من الورود والرياحين الفواحة، وقامات لا تمل رؤيتها العين فحسب، انما هي قصة نضال مستمر، واسهام فاعل في بناء هذا الوطن، وآثار محفورة في صميمه وعلى جوانبه.
في تاريخ لبنان، والبلاد العربية صفحات مشرقة، كتبتها المرأة بنور الفكر، ودم القلب، ومرارة الصبر، وحرارة الايمان، فاذا بهذه الصفحات مدارس للتربية والتعليم، ومؤسسات لرعاية الايتام والعجزة، واقلام تخط الادب والشعر والفن، وعقول نضالية صامدة متفوقة في كافة المعتركات الوطنية والنضالية، وايضا الفداء.
س: لم يسعدني الحظ بقراءة المزيد من مؤلفاتك، بسبب البعد، ولكنني قرأت كتابك "قناديل" انتاج 1986، فوجدت فيه ما أوحى الي بأنك تلك المرشدة الرسولية التي تؤمن بالكمال، فهلا تكرمت بتعريفي على بقية مؤلفاتك للاستزادة؟
ج: مؤلفاتي 4 حتى الان وهي: "نساء من بلادي"، "كلمات من ذهب"، و "قناديل" ثم "وسام الجرح".
وانا جاهدة كما تعلمين، في اعداد الجزء الثاني من كتاب نساء من بلادي. وسأهديك كتاب "كلمات من ذهب" المجلد الموسوعة مع اهداء وشكر على اهتمامك بنشاطي الاجتماعي وانتاجي الفكري، وبمسيرة المرأة اللبنانية ككل.
س: ولكنك لم تحدثينا بعد عن نشاطك الاجتماعي، الذي سمعت عنه الكثير؟
ج: باختصار شديد سأدرج لك مشاركتي في الانشطة التالية:
- منتدى القصة 1988 – 1989.
- أسست جمعية رأس المتن، ورئيستها الفخرية 1986.
- عضو مؤسس في المكتب الدائم للمؤسسات الدرزية.
- عضو مؤسس في الرابطة الادبية.
- عضو في المجلس النسائي الوطني.
- عضو مؤسس في التحالف النسائي.
- شاركت في مؤتمرات دولية وعالمية.
س: وماذا عن حصاد الايام والجوائز؟
ج: نلت درع الهيئة الوطنية اللبنانية فرع الشمال.
- نلت درع الجيش اللبناني من قائد الجيش اميل لحود 1995.
- نلت درع الجيش المذهب تقديرا لجهودي الادبية والاجتماعية 1997.
- نلت درع الجمعية النسائية للرعاية الاجتماعية 1997.
- وشعار جمعية بيت المرأة الجنوبي الفضي.
س: اخيرا سيدة ناديا هل من رسالة تودين توجيهها لاخواتك المهاجرات في
استراليا؟
ج: اولا اود ان ابعث بتحية حارة لاختي المغتربة، واتمنى ان ازور استراليا
لاتعرف عليها اكثر، بعد ما سمعته منك عنها في وقوفها المشرف الى جانب زوجها، والمحافظة على اسرتها، والاحتفاظ بتقاليد وطنها وقيمها الشرقية، ولغتها العربية.
أما أخيرا، وليس اخرا، اود ان الفت نظرها الى ان تسعى دائبة الى معرفة ما
يدور حولها في العالم من علم واكتشافات وتقدم، وتجييرها لصالح عائلتها فتبقى الام الفاضلة، كما عهدناها والزوجة الوفية المتعاونة، والصديقة الصدوقة لبنات جنسها، والمواطنة المخلصة لوطنها الام، لتكون حبة بركة اينما وجدت وحيثما حلت.
واخيرا اشكرك يا سيدة نجاة على استضافتي في هذا اللقاء التاريخي.
س: وانا بدوري اشكر السيدة ناديا الجردي نويهض على تفضلها بتزويدي بارائها القيمة، وعلى امل اللقاء في استراليا، واتمنى لها دوام الصحة ودوام العطاء.

ليلى عسيران صحافية، وروائية صدرت لها ثلاث روايات عن الفداء

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف
لقاءات نسائية في لبنان

كانت اول امرأة تقيم بين الفدائيين في قواعدهم العسكرية.
ونتيجة لهذه التجربة صدرت لها روايتان: "عصافير الفجر" و"خط الافعى"...
عاشت في منطقة جسر الباشا المحاصر اثناء الحرب الاهلية (1975 – 76) وكتبت عن هذه التجربة رواية "قلعة الاسطى"...
ترددت على قرى الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني المحتل حيث صورت الصمود والنضال في وجه الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية المتكررة في روايتها "جسر البحر"...
منحت عام 1997 وسام الاستحقاق اللبناني من رتبة فارس تقديرا لاعمالها الروائية...
من اقوالها في حديث لها مع مجلة "الاداب":
- "كان في حياتي صراع دائم بين الطوق الادبي وارتباطي بالحدث القومي، وان قصتي "المدينة الفارغة" تعبر عن احباط...
- تصوروا انني وصفت بيروت المتألقة بالمرأة الجميلة التي لا عقل لها ولا ذكاء، وبعملي هذا اقترفت جريمة بحق بيروت...
- كانت كتبي ممنوعة من دخول الاردن، ومنحت تأشيرة باذن خاص لاكتب عن الحرب... كتبت عن شهداء فلسطين الاحياء...
- من الصعب أن تنسى امرأة وجوه جرحى النابالم...
- ساعات طويلة امضيتها تحت الشمس أشاهد نزيف النزوح، وهذه المشاهد محفورة في نفسي.
عن مجلة "الآداب"
* * * *
وبعد أن قرأت بعض ما قالته أديبتنا، وبعد ان تشبعت بقراءة بعض رواياتها التي تفوح منها روائح القومية، والاسلوب الفلسفي والشفافية النسائية والانسانية، الى جانب مواقفها السياسية الرائعة، سعيت الى لقائها في منزلها العريق في بيروت، حيث كان لي معها هذا الحديث المتواضع، قياسا بآفاقها الادبية والفلسفية.
وإن كنت التقي معها عند الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني المحتل حيث الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية المتكررة، وحيث الصمود والنضال كما صورتهما في روايتها "جسر البحر" ولكنني سأبقى بانتظار ان يرفرف علم لبنان فوق هذا الجزء العزيز المحتل، وان يسجل التاريخ العربي ما كتبته الاديبة ليلى عسيران الحافظ عن ذلك الصمود الاسطورة.
اللقاء:
س: هلاّ تفضلت بتعريف القارئ على الاديبة ليلى عسيران؟
ج: المؤلف لا يعرّف على نفسه، بل على السائل المستمع ان يستنتج الحقائق
من خلال الحوار.
س: كيف استطاعت الصحافية والاديبة الاستاذة ليلى عسيران/ وقرينة دولة
الرئيس السابق امين الحافظ، من الجمع بين الصحافة ومتاعبها والتأليف ومتابعته، وسط اجواء سياسة دولة الرئيس ومطالبها؟
ج: لقد دخلت عالم الصحافة من باب تجربة الحياة، وتخصّصت في التحقيق
السياسي والفلسفة في الجامعة الاميركية في بيروت، ثم كتبت عددا لابأس به من القصص القصيرة كتجارب ادبية اولية. لقد استفدت كثيرا من اجواء السياسة، التي انغمر في غمارها امين الحافظ، وذلك قطعا اخذ يضيف الى تجربتي مع الناس في كل مستوياتهم، وكذلك اخذ وقتا من تفرّغي الكامل لبيتي ومطالعاتي وتجاربي في ممارسة الادب والنشاطات الفنية.
س: هل تطالب الاديبة ليلى عسيران بتحرير المرأة، أم أنها تفضل أن تطالب بحقوق المرأة، أم بالاثنين معا، أم أن لها نظرة خاصة في شأن المرأة اللبنانية، ودورها في المستقبل؟
انا أؤمن أن تحرير المرأة يبدأ من العقل والفكر والوجدان، وينتهي بالاكتفاء المادي لها. الا أن المجتمع اللبناني لم يزل لا يعطي المرأة كل حقوقها، مثله مثل العالم أجمع، إذ أني أقرأ عن العنف المستعمل ضد المرأة في اميركا وفي اوروبا. لكن في كل الاحوال لا أؤمن ولا أقرّ الا أن تكون المرأة انسانة لها كرامتها وليست منصاعة ومقهورة ومنساقة الى ظروف الحياة القاسية، سواء أكانت تلك الظروف مادية، أو نفسية. المرأة انسان كما الرجل انسان.
س: ما رأيك بالمرأة اللبنانية، ودرجة نشاطها في تأكيد دورها الفاعل في مجتمعها، ام انها لازالت في أول الطريق؟ ولماذا برأيك تتهرب الحكومات السابقة والحاضرة من التسليم لها بالمزيد من حقوقها المدنية والسياسية؟
ج: ارى أن المرأة اللبنانية ذات حيوية قصوى، ولقد كانت خلال الاحداث التي امتدت سبعة عشر عاما "البطلة" الاولى، حيث تصدّت لكل أنواع المخاطر. والمرأة اللبنانية فاعلة في جميع قطاعات العمل، وانواع الانتاج، والفنون، والتجارة، والهندسة، والاعلام، والتعليم والابحاث الخ..
إن المرأة كما الرجل بحاجة الى ممارسة عملية على الارض قبل ان تلج باب السياسة، وهذه مهمة تتطلب سنوات وسنوات من الخبرة، وكيفية التعامل مع الناس، وتلبية حاجاتهم، والالمام بالقوانين الدستورية والوزارية.
انا لا اعتقد ان الحكومات "تتهرب" ولكن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، ومن يتابع نشاط المرأة اللبنانية، يجد أنها تقدّمت كثيرا، وهي مازالت تناضل لكي تحصل على ما تستحقه من حقوق، وواجبات – اللهم اذا كانت من النوع الذي يستحق فعلا.
س: هل أنت راضية عن المجلات النسائية في لبنان، وهل هي في نظرك ما زالت تحمل الطابع اللبناني، أم انها تحوّلت نحو الطابع الغربي؟
ج: موضوع المجلات شائك ومعقد، يخضع الى امكانيات مادية والاعتماد على الاعلان، ونوعية القراء وما يهمهم. وما هو الخيط الواضح الذي يوضح ما هو غربي ام لبناني؟ ان قيمة لبنان الحضارية هي هذا التمازج الفريد بين حضارات متعددة الاصول والاتجاهات. والغرب الذي يؤمن بحريات لم تكن مباحة في اول هذا القرن بلبنان، لديه ايضا من الاصدارات المحافظة، ولكن ضمن مفاهيم هذا العصر.
لبنان منفتح، يعشق الحرية، والجمهور القارئ، او المشاهد للاعلام المرئي، لا سيما بعد وجود "الفضائيات" يستطيع ان يختار ما يناسب ذوقه.
س: اخيرا اشكر تفضلك بلقائي، وتزويدي بما سمعته منك من اراء قيمة، هل من رسالة تودين ارسالها الى اختك اللبنانية المهاجرة في استراليا؟
ج: اتمنى ان تنقل اختي اللبنانية المهاجرة في استراليا صورة مميزة عن لبنان، وان تستفيد من تنوع الاختلاط بين المهاجرين الاخرين، وتقوم بنشاطات فنية وثقافية، فليس مثل الثقافة ما يوحّد بين البشر.
وأقصى ما أتمناه لها ان لا تنسى وطنها الام، وان يتسنى لوطنها الام أن يعطيها نفس فرص الحياة للعودة الى لبنان، فلبنان يعتزّ ويعزّ كل ابنائه وبناته في المهجر.
وسأختم اللقاء بذكر أسماء روايات السيدة عسيران الحافظ العشر وهي:
لن نموت غدا 1962، المدينة الفارغة 1964، الحوار الاخرس 1964، عصافير الفجر 1966، خط الافعى 1972، قلعة الاسطى 1979، جسر الحجر 1986، الاستراحة 1989، شرائط ملوّنة 1994، طائر القمر.