قصة عصفور

نجاة فخري مرسي

"لا يفهم الشحارير إلا الشحارير"

كان عصفوراً طليقاً ...
الدنيا ملكه
الفضاء ... والهواء ...
الجمال والأمل ...!
قرّر أن يبني له عشاً
ولكن العش بقي خالياً
تبخرت آماله
التي تصورها بزرقة السماء ...
وسعة الفضاء ...
ضمر العصفور
وتغير شكله
بهت ريشه ...
نسي التغريد
وملّ التحليق ...!
وفجأة سمع من وراء حدود منفاه ...
صوت شحرورة جميلة ...!
تسير مع فراخها
بلا رفيق ...
تبحث عن صديق
يغرّد بأسلوبها ...
أجابها ...!
رجّع الصدى صوته الملهوف ...
أجابته بلهفة مماثلة ...!
فامتزج الصوتان
وتألفت منهما
أنشودة أمل ...
وحب كبير ...!

جائزة شربل بعيني للأديبة نجاة فخري مرسي لعام 2009

ها هي أديبتنا الإغترابية الشهيرة نجاة فخري مرسي تنضم لعشرات الفائزات والفائزين بجائزة شربل بعيني التي وزّعها أول ما وزّعها مبدعها الدكتور عصام حداد في مدينة الأبجدية جبيل، على الناجحين من طلاب معهد أبجديته، منذ أكثر من عشرين سنة، إلى أن انتقلت إلى بلدان الاغتراب، ففاز بها من أميركا رئيس المجلس القاري للجامعة اللبنانية الدكتور جوزاف حايك، وسفير لبنان السابق الدكتور لطيف أبو الحسن، والعديد من الأطباء والأدباء والفنانين والصحفيين والمذيعات والمذيعين.. إلى أن استقرات بين أنامل سيدة الإغتراب والقلم الأديبة نجاة فخري مرسي لنشاطها الأدبي المميز. فألف مبروك لأديبتنا الخالدة وإلى اللقاء في العام 2010 مع مبدع آخر بإذن الله.

أنشودة الضياع

نجاة فخري مرسي

ما هذا الفراغ الذي يلفني؟!
والغربة التي تعصر فؤادي؟
والأمل الذي تاه
في زحمة الحياة ...
وعروق المحبة
التي تآكلت ...
على أعقاب قدري
وفي محراب غربتي
وفي مرآة شيخوختي
ادمدم
انشودة الضياع ...!
أشعر بأنني عصفور مهاجر
تاه عن سربه
وقطرة ماء
إتنطرت من زخة مطر
ووتر منفرد
في سيمفونية يتيمة ...!
أفتقد أملاً أحيا لأجله
أراني الدمعة الحائرة ...
والكلمة الثائرة ...!
أراني الجوهرة التي لا تباع ...
والقصيدة التي لا تذاع ...
وأراني أنشودة الضياع ...!

أيها الحبيب ... الحبيب

أنا لا أحبك لأحتويك ...
أنا لا أحبك لأنني انفّذ بحبك قدري
أخضع لأوامر عينيك ...
من حقى أن أخفيك في سويداء قلبي ...
وليس من حقي أن أدخل قلبك
بدون استئذان ...
من حقى أن أحتضن الفائض
من سحرك ...
وليس من حقى أن
أسألك المزيد ...
من حقى أن أحلم بنظراتك ...
ولكن، ليس من حقى
أن أحتكرها ...!
قل يا فؤادي
لمن هذه النبضات؟
لمن هذه الخفقات؟
أليست منك إلي ...؟!
ومني إليك ...؟!

شعور دخيل

نجاة فخري مرسي

كلما جلست لأكتب إليك رسالة
أشعر بأنني أكتبها تحت التهديد ...
فتتبخر الأفكار من رأسي
وتبقى الأشواق ... !
بانتظار مبرر
لهذا الشعور الدخيل ... !

قد لا يفهم الإنسان مشاعره أحياناً
ولا يعرف كيف يفلسفها ...
لا أظنني بحاجة لأن أشرح لك ... !

معزتك في قلبي ...
تمنحنى أحاسيس جديدة ...
تتكلم بلغة أحبها
ولكنني لا أفهمها ... !

هذا الإنسان!!

صدقهُ: مرآة للحقيقة ...
كذبُهُ: من طباع الثعالب ...
رضاهُ: من مدّ الأمواج ...
غضبُهُ: من أعاصيرها ... !
تراهُ في البيان أنشودة نادرة ...
في العطاء: مدرسة كاملة ...
في الجهل: أداة بلبلة وتخريب ...

ومع ذلك فهو إنسان ... !!

من ديوان القريب البعيد

من القلب للقلب

نجاة فخري مرسي

سألته: قل لي بربّك
هل رأيت أجمل مني؟
نعم ... رأيت ... !
إذن ما الذي شدّك إلي؟!
سحر روحك ...
وهل سحر روحي يلغي جمالي؟!
الجمال موجود في كل زمان
ومكان ...
والسحر والجمال توأمان
يجب ألا يفترقان ...
وأنت عندك من الإثنين
ما يكفي ويجعلني ذلك المتيّم
الذي يقدّم لك الحب
بلا حدود ... !
- وهل تغار ؟!
طبعاً ...
وأحياناً لا ألوم المحب الأناني
الذي يخفي حبيبه عن العيون ...
وهل تفكر أن تخفيني؟
أنا أكره الأنانية ...
يكفيني أن أخفيك في قلبي ...
وأترك في يدك مفتاحه ...
فإن سعدت بسكناه ...
فهذا هو الحب ... !
وإن مللت ...
فما فائدتي من تحويل قلبي
إلى سجن للعصافير ... !
- أنا قرّرت أن أسكن قلبك
وأرمي مفتاحه في البحر ...
• وأنا قرّرت
أن أقدّم قلبي هدية لساكنته ... !
- صِفني ...
• أنت حبيبتي
- حتى وصفك لي "بالقطّارة"
• هذه "القطّارة" هي السدّ المنيع ...
الذي يقف في وجه طوفان عواطفي
ويحافظ على مخزونها ... !
- أنا مصرّة ... أريدك أن تصفني!
بتبسّط ...
• أبدأ بشفتك السّلى ...
- وماذا عن شفتي السّلى؟
• تنزل الفارس عن جواده ... !
- هل إذا رآها؟
أم إذا لمسها؟
• إذا لمسها أقتله ...
وشدّها الى قلبه ...
وشدته الى قلبها ...
وغلبهما النعاس ... !
وكل منهما يحلم ... ؟!
بأن يُبقي الزمن سعادتهما ... ؟!
* * *

من ديوان القريب البعيد