كلنا غرباء

نجاة فخري مرسي
الحرّ بين العبيد
والعبد بين الأحرار...
المتعلم بين الجهلة
الجاهل وسط العلماء
الأديب بين السفهاء
والسفيه بين الأدباء:

كلهم غرباء...!
الأخت في منزل أخيها
البنت في دار أبيها
الأم في بيت إبنها
الزوجة بعيداً عن أحضان زوجها:

كلهن غرباء...!
من يتكلم غير لغته
من ينفصل عن بيئته
من يأكل خبز غيره:

أيضاً غرباء...!
من لا يسمع نبضات قلبه
من لا ينسجم مع نفسه
من يتقيد بالمبدأ الشامل في المجتمعات المشرذمة...
من يرفض الإلتزام مع الملتزمين
من ينبذ الطائفية في الأنظمة الطائفية:

أتعس الغرباء...!

الأرض ليست أرضي

نجاة فخري مرسي
في الغابة المرصّعة بالزهور والرياحين
في سماء موطني الجديد،
أجلس على حافّة الغدير
أسمع خرير مياه الشلالات،
يقاطع أفكاري نقيق الضفادع،
تتضاءل أمامي المسافات
تنبت لي أجنحة من الخيال
لأطير إلى عالم النسيان...!
إلا شعاع النور من الشرق
فلا أنساه...!
* * *
هنالك ترقد والدتي في قريتي الجنوبية
هنالك مرتع طفولتي
هنالك تفتح شبابي...
* * *
ترافقني الذكرى
فتنسيني من شدة بريقها
أنني أعيش على أرض جديدة
وفي أجواء غريبة.
* * *
الأرض ليست أرضي
والهواء ليس هوائي
* * *
الأرض فيها الراحة والأمان
ولكنها ليست أرضي
وأناسها ليسوا بناسي...!
* * *
أرضي تحترق...!
مرقدي فيها سراب
ومثوى والدي يحجبه الضباب...!
* * *
منزلي تشققت جدرانه من دويّ قنابل الدخلاء...
رهوانتي شردت (1)
وكذلك غزالي...!
* * *
أما أشجار الزيتون التي أشرف والدي على غرسها
لا أعرف لها مصيراً...؟!
* * *
داليتي الخضراء، ذات العناقيد الحمراء...
البيادر...
الحمام الطائر...
زهور الأقحوان...!
* * *
شقائق النعمان...
حقول الذرة،
مخبأ طفولتنا،
ربوع الخلة الحمراء
ظلال أشجار الخرّوب،
وثمار التين المرصّعة بندى الصباح...!
أصبحت كلها ذكريات...؟!
* * *

(1) الرهوانه: نوع من الخيول الأصيلة