نجاة فخري مرسي
شكراً للتلفزيون الاثني الذي عرض لنا فيلماً تسجيلياً عن حياة كوكب الشرق أم كلثوم وأطلق عليه إسم "الهرم الرابع".
وشكراً للمنتج الفرنسي الذي أنتج هذا الفيلم التسجيلي عن معجزة من معجزات الغناء العربي، التي سبقت، كما قال، "بياف" و "ماريا كالاس".
قضينا ساعة مع عرض تحليلي لقصة حياة الطفلة المعجزة التي منحها الله صوتاً له طبقات لا مثيل لها طبقاً للتحليل العلمي للأصوات.
عرض خلالها رحلتها السريعة الى القمة لإصرارها على مستوى كلمات أغانيها فقفزت بالأغنية العربية من المبتذلة الى الأغنية العاطفية الراقية التي يمكن اعتبارها أغنية كلاسيكية.
كما عرض أم كلثوم الإنسانة التي كانت تساعد أهل قريتها الفقراء على تحصيل العلم في مصر والخارج.. وعرّف على أم كلثوم منشدة الأغاني الحماسية التي ألهبت حماس الشعب والجنود في معاركهم المصيرية وأم كلثوم الوطنية التي بكت ومرّت بأزمة نفسية حادّة عندما سمعت أخبار نكسة 1967، وتحولت بعدها لفترة تردد الأغاني الدينية وهي تتألم بسبب إلقاء اللوم على صوتها ووصفه بأفيون الشعب الشعب العربي وأنه كان من أسباب النكسة.
ثم استعادت أم كلثوم عزيمتها وارتفعت راياتها، وبدأ صوتها يجمع الدول العربية مرة أخرى حول قيادة من آمنت به، ومثلت أم كلثوم الرمز العربي الوحيد الذي اجتمعت حوله عواطف الشعوب العربية بأكملها، بعد عبد الناصر الذي قطعت بسببه رحلتها الى موسكو وألغت ارتباطاتها للقيام بواجبها في توديع بطل القومية العربية يوم وفاته.
كنا نود أن نوجه شكرنا الى مصر أو أية دولة عربية لإخراج مثل هذا الفيلم، ولكن حتى أم كلثوم معبودة الجماهير لم تخرج البلاد العربية فيلماً واحداً عن قصة حياتها لتخليدها، على الرغم من شرائهم لمليون ونصف نسخة من أغانيها سنوياً.
لقد تبجح مناحيم بيغن وادعى في أول زيارة للقاهرة قائلاً بأنه في منتهى السعادة بعودته الى مصر ليتمتع بمشاهدة الأهرامات، التي بناها أجداده، وكانت كذبة صهيونية محترفة وبعيدة المرمى.
ويظهر أن الهرم الرابع "أم كلثوم" قد سبقنا في بنائه مخرج فرنسي، فشكراً له، على قيامه بواجب كان على الشعب أن لا يهمله.