نجاة فخري مرسي
في كل عمل تسجيلي يحتاج الكاتب أو الباحث الى المراجع الموثقة في دوائر المعارف، أو كتب التاريخ، أو دائرة المعارف المحلية والعالمية وعلى سبيل المثال عندما قررت عام 1989، أن أسجل تاريخ الهجرة العربية الى استراليا في كتاب، لم أجد أمامي أية معلومات مسجلة أو موثقة في استراليا أستعين بها في هذا الموضوع، فكان عليّ أن أعتمد مكرهة على ما تتناقله الألسن في مجالس المغتربين من أوائل المهاجرين.
كذلك وجدت وأنا أعمل في الصحافة المهجرية العربية أنني كلما أردت أن أكتب عن شخصية عربية أو اسلامية ذات شأن تاريخي في الأبواب الصحفية التي كنت أحررها مثل باب "صندوق المعرفة" في جريدة "النهار" المهجرية التي أراسلها، أو باب "عباقرة من التاريخ" في جريدة "البيرق" اللبنانية المهجرية أيضاً، كانت تواجهني نفس الصعوبات في المراجع الغربية، طبعاً بعكس الشخصيات الغربية التي كانت مراجعها متوفرة تماماً، مما جعلني أعتقد أن هنالك تعتيماً على تراثنا العربي والاسلامي في تلك المراجع، هذا الى جانب تحريف بعض الأسماء لبعض العلماء العرب والاسلام، فكأن يصبح إسم إبن سينا.. Avicenna وابن رشد.. Averroes واسم ابن الهيثم.. Al-Hazen وهلم جراً.
كذلك تجد أن طريقة توزيع المعلومات عن الشخصيات العربية في دائرة المعارف البريطانية، وكوليرز Colliers الامريكية تأتي على شكل أسطر معدودة تحت كل تخصّص في مجلدات مختلفة، يصعب على الباحث، أو المنقب تتبعها، أو الوصول اليها في الوقت المتاح – خاصة إذا علمنا أن لكل عالم من العلماء العرب تخصصات عديدة، مثل الطب والفلك والهندسة والرياضيات والفلسفة، في نفس الوقت.
ولكي نبرهن عن نظرية التعتيم هذه دعونا نستشهد بأقوال بعض المستشرقين من أهل الغرب. قال الدكتور "تشيلدز" في كتابه "الغرب والاسلام" صفحة 149، ما معناه أن كل الثقافات التي استغرق اتصالها بغيرها من الثقافات مدى "زمنياً" محدوداً نسبياً، تتعمد جهلها بتلك الثقافات. بيد أن قصر المدة في العلاقة الغربية/الاسلامية، لم يشكل سبباً كافياً لذلك، مع أنه لم تكن للغرب علاقة طويلة ومستمرة في الواقع، بغيرهم من الثقافات الأخرى في العالم، كما كانت علاقته في الاسلام والعالم العربي، إذ لم تكن هذه العلاقة خارجية فحسب..
وبالرغم من أن المؤسسة التعليمية في الغرب عمدت الى عدم تبصير أجيال من الاطفال بالاسلام، فالحقيقة الثابتة هي أن المعرفة العربية/الاسلامية كانت أساساً لنهضة الحضارة الغربية نفسها.
كذلك لا بأس من أن نستشهد بقول الدكتور "د. ج. جوري" في الكتابة ذاتها، أو في الكتاب ذاته تحت عنوان "فقدان الذاكرة الطويل الأجل"، حيث يقول:
"من الواضح أن العصور الوسطى لم تكن مظلمة حقاً، ومجرد أن إنجازاتها العظيمة قد حققها الشرقيون، لم يكن عذراً كافياً للانتقاص من قيمتها. إذا أن الحكم غير المتحيّز الذي يقضي به التاريخ، هو أنه منذ النصف الثاني من القرن الثامن، الى القرن الثاني عشر كانت اللغة العربية لغة العلم للجنس البشري.
خلاصة القول أنه في كل علم أساسي، أو حرفة استخدمها الغرب لتحقيق تقدمه، نجد نفس الأدلة على أن هناك ميراثاً من العالم الثالث، عندما كان حقاً هو العالم الأول، انتقل عن طريق العرب في ظلّ الاسلام، مع ذلك نجد في التاريخ الغربي الرسمي، والتعليم الغربي العام/ صمتاً مطبقاً حول هذا الموضوع.
يتبع
في كل عمل تسجيلي يحتاج الكاتب أو الباحث الى المراجع الموثقة في دوائر المعارف، أو كتب التاريخ، أو دائرة المعارف المحلية والعالمية وعلى سبيل المثال عندما قررت عام 1989، أن أسجل تاريخ الهجرة العربية الى استراليا في كتاب، لم أجد أمامي أية معلومات مسجلة أو موثقة في استراليا أستعين بها في هذا الموضوع، فكان عليّ أن أعتمد مكرهة على ما تتناقله الألسن في مجالس المغتربين من أوائل المهاجرين.
كذلك وجدت وأنا أعمل في الصحافة المهجرية العربية أنني كلما أردت أن أكتب عن شخصية عربية أو اسلامية ذات شأن تاريخي في الأبواب الصحفية التي كنت أحررها مثل باب "صندوق المعرفة" في جريدة "النهار" المهجرية التي أراسلها، أو باب "عباقرة من التاريخ" في جريدة "البيرق" اللبنانية المهجرية أيضاً، كانت تواجهني نفس الصعوبات في المراجع الغربية، طبعاً بعكس الشخصيات الغربية التي كانت مراجعها متوفرة تماماً، مما جعلني أعتقد أن هنالك تعتيماً على تراثنا العربي والاسلامي في تلك المراجع، هذا الى جانب تحريف بعض الأسماء لبعض العلماء العرب والاسلام، فكأن يصبح إسم إبن سينا.. Avicenna وابن رشد.. Averroes واسم ابن الهيثم.. Al-Hazen وهلم جراً.
كذلك تجد أن طريقة توزيع المعلومات عن الشخصيات العربية في دائرة المعارف البريطانية، وكوليرز Colliers الامريكية تأتي على شكل أسطر معدودة تحت كل تخصّص في مجلدات مختلفة، يصعب على الباحث، أو المنقب تتبعها، أو الوصول اليها في الوقت المتاح – خاصة إذا علمنا أن لكل عالم من العلماء العرب تخصصات عديدة، مثل الطب والفلك والهندسة والرياضيات والفلسفة، في نفس الوقت.
ولكي نبرهن عن نظرية التعتيم هذه دعونا نستشهد بأقوال بعض المستشرقين من أهل الغرب. قال الدكتور "تشيلدز" في كتابه "الغرب والاسلام" صفحة 149، ما معناه أن كل الثقافات التي استغرق اتصالها بغيرها من الثقافات مدى "زمنياً" محدوداً نسبياً، تتعمد جهلها بتلك الثقافات. بيد أن قصر المدة في العلاقة الغربية/الاسلامية، لم يشكل سبباً كافياً لذلك، مع أنه لم تكن للغرب علاقة طويلة ومستمرة في الواقع، بغيرهم من الثقافات الأخرى في العالم، كما كانت علاقته في الاسلام والعالم العربي، إذ لم تكن هذه العلاقة خارجية فحسب..
وبالرغم من أن المؤسسة التعليمية في الغرب عمدت الى عدم تبصير أجيال من الاطفال بالاسلام، فالحقيقة الثابتة هي أن المعرفة العربية/الاسلامية كانت أساساً لنهضة الحضارة الغربية نفسها.
كذلك لا بأس من أن نستشهد بقول الدكتور "د. ج. جوري" في الكتابة ذاتها، أو في الكتاب ذاته تحت عنوان "فقدان الذاكرة الطويل الأجل"، حيث يقول:
"من الواضح أن العصور الوسطى لم تكن مظلمة حقاً، ومجرد أن إنجازاتها العظيمة قد حققها الشرقيون، لم يكن عذراً كافياً للانتقاص من قيمتها. إذا أن الحكم غير المتحيّز الذي يقضي به التاريخ، هو أنه منذ النصف الثاني من القرن الثامن، الى القرن الثاني عشر كانت اللغة العربية لغة العلم للجنس البشري.
خلاصة القول أنه في كل علم أساسي، أو حرفة استخدمها الغرب لتحقيق تقدمه، نجد نفس الأدلة على أن هناك ميراثاً من العالم الثالث، عندما كان حقاً هو العالم الأول، انتقل عن طريق العرب في ظلّ الاسلام، مع ذلك نجد في التاريخ الغربي الرسمي، والتعليم الغربي العام/ صمتاً مطبقاً حول هذا الموضوع.
يتبع