نجاة فخري مرسي
من أرشيفي:
الوقاية خير من العلاج
هذا الموضوع لا علاقة له بالأطباء أو بالوصفات الطبية أو العلاجية،
وإنما هو موضوع تربوي وقائي من أخصّائية في التربية الصحية.
أنا أراهن، ولن اخسر الرهان، إذا قلت ان فصل الشتاء الحالي لم يسلم فيه احد من فيررس الانفلونزا، لذلك وجدت نفسى مضطرة الى الكتابه في موضوع جديد على قلمي وإن يكن ليس بالجديد على احد تخصصاتى فىالتنمية الإجتماعية والتربية الصحية.
من الدراسات التى توليها الدول المتحضرة الكثير من الاهتمام بالتربية الصحية التى تعتمدها منظمة الصحة العالمية لنشر الوعي الصحي الوقائي بواسطة معاهد اليونيسكو المنتشرة فى العالم.
وللاستفادة مما تعلمته في هذا المجال، لا بدّ لي أولاً من مطالبة الدولة الاسترالية في ادخال مادة "التربية الصحية" في مناهج التدريس الابتدائي والثانوي ومن عمل حملات توعية لربات المنازل، كيف يعرفن، ثم يُعرّفن اولادهن وأفراد أسرهنّ عن طرق وأساليب الوقاية من الأمراض المعدية مثل الانفلونزا مثلاً، كما أن على الوعي الوقائي أن يلعب دوراً كبيراً بالنسبة لأرباب العمل في المجتمع، بأن يسمحو للموظف المصاب بالانفلونزا وحامل فيروسها اللعين أن يلزم الفراش الى أن يتعافى، رأفة به وبالزبائن، أولا للحد من خطر المضاعفات التي قد تصل به الى المستشفى، هذا اذا لم تودي بحياته. وثانيا لحماية كل من يخدمه، لأن الانفلونزا معناها اذا لم تراعى المضاعفات، (والمضاعفات المعروفة نزلة صدرية، تصل أحيانا الى لفحة رئوية "نومونيا" خطيرة وكلنا يعرف هذا).
تقول الاحصائيات التي نقرأها كل يوم عن عدوانية هذا الفيروس اللئيم أنه قد لا يتأثر بالمضادات الحيوية، وانه اذا نزل الى الصدر اصابه بنـزلة صدرية وسعال، واذا وصل الى الرئة أصابها بلفحة تدعى "النومونيا" التي تتطلب الالتجاء الى المستشفى، وقد بينت تقارير منظمة الصحة العالمية أن هذا المرض الذي اعتدنا ان نعتبره عارضا موسميا بسيطا قد أصبح يقتل الملاييين كل عام، خاصة في المدن المكتظّة بالسكان والتي يفتقر سكانها الى حكمة الوقاية بمعنى أن يحاول المريض أن لا يزور ولا يُزار أثناء مرضه ولا يقبّل الأصحّاء فيعطيهم العدوى.
هذا في المدن الواعية، والغنية، فما بالك في البلاد الفقيرة التي ينقصها الوعي، وتخجل من تبني السلوك الوقائي، والتي لا تستطيع أكثر أو أقل من حياة شعوبها ثمنا لتفشي مثل هذه الأمراض المعدية.
ما زلت أذكر ولا أنسى عندما كنت في الدورة الدراسية للتربية الصحية في معهد اليونسكو بالقاهرة، عبارة قالها الدكتور سعيد عبدو خبير الصحة العالمية في احدى محاضراته وهو يتحدث عن أهمية التربية الصحية واساليبها التقنية في نشر الوعي للوقاية من الميكروبات التي تسبب الأمراض. والعبارة هي: "لو علمت كل ربّة منـزل عندما تقتل ذبابة واحدة في فصل الربيع (فصل الإخصاب) تكون قد وفّرت على البيئة ولادة 36 مليون ذبابة".
أذهلني في حينه هذا الرقم، لدرجة أنني اعتبرتها دعاية من الدكتور المحاضر، ولكنه عاد وأكّد لنا بأنه رقم حقيقي بناء على دراسات الصحة العالمية.
طبعاً حفظتها حكمة، واعتبرت أن تطبيقها واجب عليّ وعلى ربّة كل منـزل وبكل صدق، وبكل فخر أقول أنني ما زلت أطبقها بلا هوادة منذ أوائل الستينات حتى يومنا هذا. إذن نجد أننا أمام مشكلة ممكن التخفيف من ضررها بنسبة مقبولة، ونجد أيضا أن لكل فرد في المجتمع دور هام في الحد من انتشار الأمراض المعدية قبل أن يستفحل أمرها وتصل بنا الى الطبيب والمستشفى والمضاعفات والمصاريف التي قد ترهق ميزانيتنان أو تؤدي بصحتنا وصبرنا وربما بحياتنا.
المطلوب بكل بساطة الآتي:
- عزل المريض عن الأصحاء
- أن يفهم المريض، وبروح رياضية أن لا يزور ولا حتى يُزار الى أن يتعافى.
- أن لا يُقَبّل الآخرين أثناء مرضه.
وبذلك فقط نستطيع جميعاً أن نحد من انتشار العدوى.
تحضرني الآن بعض الأمثلة للدعاية (دون حساسية لأحد طبعاً) وهي:
· يتصل بك صديق ليخبرك بأنه قادم لزيارتك، فتخبره بأنك آسف لعدم قدرتك على استقباله لأنك مريض بالأنفلونرا، ولا تريده أن يأخذ منك العدوى أو تنقلها الى أسرتك ... فيجيبك بكل مودة:
· لا عليك يا صديقي، أنا لا آخذ العدوى ممن أحب.
· أو يحضر لزيارتك صديق مُصاب بالأنفلونزا والسعال والعطاس، فتقول له، كان من الأفضل أن لا تخرج من فراشك حتى لا تتعرض للمضاعفات، أو تنقل إلينا العدوى، فيقول لك بكل شهامة ومودة: لا تخف يا صاحبي أنا لاأعطي العدوى لمن يحبني.
· خلاصة الكلام أننا نهيب أيضا بالأطباء أن لا تقتصر أدوارهم في مثل هذه الحالات على صرف العلاج فقط، بل يتعداه الى تعريف المريض بطرق الوقاية من أخذ المرض أو نشره بقدر الامكان بين الأصحاء.
· كذلك أعود وأذكر الحكومة بدورها في حماية البيئة وان لا يقتصر دورها على توفير الطبابة أو صرف الأدوية أو العلاج المجاني لبعض المرضى وانما يتعداه الى رعاية الانسان قبل الحيوان.
نشر في جريدة المصري في 19/9/1999
الوقاية خير من العلاج
هذا الموضوع لا علاقة له بالأطباء أو بالوصفات الطبية أو العلاجية،
وإنما هو موضوع تربوي وقائي من أخصّائية في التربية الصحية.
أنا أراهن، ولن اخسر الرهان، إذا قلت ان فصل الشتاء الحالي لم يسلم فيه احد من فيررس الانفلونزا، لذلك وجدت نفسى مضطرة الى الكتابه في موضوع جديد على قلمي وإن يكن ليس بالجديد على احد تخصصاتى فىالتنمية الإجتماعية والتربية الصحية.
من الدراسات التى توليها الدول المتحضرة الكثير من الاهتمام بالتربية الصحية التى تعتمدها منظمة الصحة العالمية لنشر الوعي الصحي الوقائي بواسطة معاهد اليونيسكو المنتشرة فى العالم.
وللاستفادة مما تعلمته في هذا المجال، لا بدّ لي أولاً من مطالبة الدولة الاسترالية في ادخال مادة "التربية الصحية" في مناهج التدريس الابتدائي والثانوي ومن عمل حملات توعية لربات المنازل، كيف يعرفن، ثم يُعرّفن اولادهن وأفراد أسرهنّ عن طرق وأساليب الوقاية من الأمراض المعدية مثل الانفلونزا مثلاً، كما أن على الوعي الوقائي أن يلعب دوراً كبيراً بالنسبة لأرباب العمل في المجتمع، بأن يسمحو للموظف المصاب بالانفلونزا وحامل فيروسها اللعين أن يلزم الفراش الى أن يتعافى، رأفة به وبالزبائن، أولا للحد من خطر المضاعفات التي قد تصل به الى المستشفى، هذا اذا لم تودي بحياته. وثانيا لحماية كل من يخدمه، لأن الانفلونزا معناها اذا لم تراعى المضاعفات، (والمضاعفات المعروفة نزلة صدرية، تصل أحيانا الى لفحة رئوية "نومونيا" خطيرة وكلنا يعرف هذا).
تقول الاحصائيات التي نقرأها كل يوم عن عدوانية هذا الفيروس اللئيم أنه قد لا يتأثر بالمضادات الحيوية، وانه اذا نزل الى الصدر اصابه بنـزلة صدرية وسعال، واذا وصل الى الرئة أصابها بلفحة تدعى "النومونيا" التي تتطلب الالتجاء الى المستشفى، وقد بينت تقارير منظمة الصحة العالمية أن هذا المرض الذي اعتدنا ان نعتبره عارضا موسميا بسيطا قد أصبح يقتل الملاييين كل عام، خاصة في المدن المكتظّة بالسكان والتي يفتقر سكانها الى حكمة الوقاية بمعنى أن يحاول المريض أن لا يزور ولا يُزار أثناء مرضه ولا يقبّل الأصحّاء فيعطيهم العدوى.
هذا في المدن الواعية، والغنية، فما بالك في البلاد الفقيرة التي ينقصها الوعي، وتخجل من تبني السلوك الوقائي، والتي لا تستطيع أكثر أو أقل من حياة شعوبها ثمنا لتفشي مثل هذه الأمراض المعدية.
ما زلت أذكر ولا أنسى عندما كنت في الدورة الدراسية للتربية الصحية في معهد اليونسكو بالقاهرة، عبارة قالها الدكتور سعيد عبدو خبير الصحة العالمية في احدى محاضراته وهو يتحدث عن أهمية التربية الصحية واساليبها التقنية في نشر الوعي للوقاية من الميكروبات التي تسبب الأمراض. والعبارة هي: "لو علمت كل ربّة منـزل عندما تقتل ذبابة واحدة في فصل الربيع (فصل الإخصاب) تكون قد وفّرت على البيئة ولادة 36 مليون ذبابة".
أذهلني في حينه هذا الرقم، لدرجة أنني اعتبرتها دعاية من الدكتور المحاضر، ولكنه عاد وأكّد لنا بأنه رقم حقيقي بناء على دراسات الصحة العالمية.
طبعاً حفظتها حكمة، واعتبرت أن تطبيقها واجب عليّ وعلى ربّة كل منـزل وبكل صدق، وبكل فخر أقول أنني ما زلت أطبقها بلا هوادة منذ أوائل الستينات حتى يومنا هذا. إذن نجد أننا أمام مشكلة ممكن التخفيف من ضررها بنسبة مقبولة، ونجد أيضا أن لكل فرد في المجتمع دور هام في الحد من انتشار الأمراض المعدية قبل أن يستفحل أمرها وتصل بنا الى الطبيب والمستشفى والمضاعفات والمصاريف التي قد ترهق ميزانيتنان أو تؤدي بصحتنا وصبرنا وربما بحياتنا.
المطلوب بكل بساطة الآتي:
- عزل المريض عن الأصحاء
- أن يفهم المريض، وبروح رياضية أن لا يزور ولا حتى يُزار الى أن يتعافى.
- أن لا يُقَبّل الآخرين أثناء مرضه.
وبذلك فقط نستطيع جميعاً أن نحد من انتشار العدوى.
تحضرني الآن بعض الأمثلة للدعاية (دون حساسية لأحد طبعاً) وهي:
· يتصل بك صديق ليخبرك بأنه قادم لزيارتك، فتخبره بأنك آسف لعدم قدرتك على استقباله لأنك مريض بالأنفلونرا، ولا تريده أن يأخذ منك العدوى أو تنقلها الى أسرتك ... فيجيبك بكل مودة:
· لا عليك يا صديقي، أنا لا آخذ العدوى ممن أحب.
· أو يحضر لزيارتك صديق مُصاب بالأنفلونزا والسعال والعطاس، فتقول له، كان من الأفضل أن لا تخرج من فراشك حتى لا تتعرض للمضاعفات، أو تنقل إلينا العدوى، فيقول لك بكل شهامة ومودة: لا تخف يا صاحبي أنا لاأعطي العدوى لمن يحبني.
· خلاصة الكلام أننا نهيب أيضا بالأطباء أن لا تقتصر أدوارهم في مثل هذه الحالات على صرف العلاج فقط، بل يتعداه الى تعريف المريض بطرق الوقاية من أخذ المرض أو نشره بقدر الامكان بين الأصحاء.
· كذلك أعود وأذكر الحكومة بدورها في حماية البيئة وان لا يقتصر دورها على توفير الطبابة أو صرف الأدوية أو العلاج المجاني لبعض المرضى وانما يتعداه الى رعاية الانسان قبل الحيوان.
نشر في جريدة المصري في 19/9/1999