وفاة الاديبة نجاة فخري مرسي


أدبنا المهجري في أستراليا يودّع إحدى أروع مبدعاته، عنيت بها الأديبة نجاة فخري مرسي، الفائزة الوحيدة عام 2009 بجائزة شربل بعيني، والتي تركت العديد من المؤلفات القيمة باللغتين العربية والانكليزية.
لقد كتبت عنها الكثير، وكتبت عني الكثير، هي في مالبورن وأنا في سيدني، وكنت كلما زرت مالبورن تولم على شرفي، فلقد حولت منزلها الى صالون أدبي، وقلبها الى مسكن لجميع المبدعين. 
ومن المقالات التي كتبتها عنها أنشر ما يلي:
عندما أصدرت الأديبة المهجرية نجاة فخري مرسي كتابها الرائع ( المرأة في ذاكرة الزمن) عام 2004، أعلنت أن الشيخوخة قد تمنعها من الكتابة والنشر، وأن (المرأة في ذاكرة الزمن) قد يكون نهاية زمنها الأدبي.. فإذا (بآخر الجولات) يطل علينا عام 2007، ليخيفنا مجدداً بعنوانه، وأن هذا المولود الأدبي الجديد قد يكون آخر جولات نجاة الأدبية.

ولكن، أبشروا، فنجاة أشبه ما تكون بطائر الفينيق، ما أن تتراكم عليها الأوجاع حتى تهب واقفة، بيمينها القلم، وبيسارها ورقة بيضاء اشتاقت لرائحة حبرها، وانسياب عباراتها المموسقة كينبوع عذب، يسقي بساتين الغربة، وناسها، في آن واحد.

وها هي تعود للكتابة في مجلة الغربة الإلكترونية، منذ انطلاقها.. وها هي تهدي (الغربة) في نهاية هذا العام 2008 كتابها الجديد (كتابات على مرآة الزمن)، المؤلف من 320 صفحة من الحجم الكبير، لتعلن للكون أجمع أن الفارس الفارس لا ينزل عن حصانه إلا مضرجاً بدمائه.

عندما خصصت لنجاة فخري مرسي (متحفاً) في موقع الغربة الالكتروني، دون علمها طبعاً، وددت أن أهمس بأذنها، بطريقتي الخاصة: شكراً يا ابنة الجنوب اللبناني، شكراً يا حبيبة مصر.. يا زوجة دكتورنا الصديق أنيس مرسي، شكراً يا ابنة غربتي.. يا صديقتي الوفية، يا نجاة فخري مرسي.

وصدق الشاعر الصديق خالد الحلّي عندما قال عنها في مقدمة الكتاب: (ولدت لتكتب).. أجل لقد ولدت نجاة لتكتب.. ومن يعش يرَ.
**
هذا ما كتبته عام 2008، وهذا ما سأردده حتى بعد رحيلها: نجاة ما وجدت إلا لتكتب. 
رحمك الله يا صديقتي العزيزة ورحم زوجك الدكتور أنيس والهم جميع افراد عائلتك هنا وفي لبنان وكل مكان الصبر والسلوان.
أخوك شربل بعيني

نجاة فخري مرسي تفوز بجائزة شربل بعيني

ذكرى الشاعرة بسيمة فخري

عام يمر على وفاة الشاعر الجنوبية القديرة بسيمة فخري، تلك التي غنت الوطن كما لم يغنه أحد من قبل، وأحست بالخطر المحدق بجنوبها البطل، فكتبت ونبهت وأبلت بلاء الأبطال.

قد يطوي الثرى جسد الفقيدة الغالية، ولكن عطاءها، أدباً وشعراً، خالد لا يموت، وها هي شقيقتها، صديقة قراء مجلة ليلى، تزود قراءها بهذه المعلومات القيمة عن أختها الراحلة، ضمن هذا الملحق الخاص:
بدأت الشاعره بكتابة الشعر قبل أن تنهى دراستها الابتدائيه , وكان مستوى شعرها يدل على موهبة مبكره ونشرتها فى دواوين ثلاثة " صحائف عربيه " , " أوراق الصبيه " , " خواطر وأشجان "
كتبت بسيمه الشعر العمودى وشعر التفعيله الذى يسمى بالشعر الكلاسيكى المقفى , كما دلت أشعارها على أصالة الانتماء , والوطنيه والقوميه والوجدانيه والتفاخر بالتراث , فقالت فى قصيدتها لأنك موطنى وملاذ قلبى :
لأنك موطنى وملاذ قلبى
ومرتع عزوتى أهلى وصحبى
سأغفر كل ما لقيت مما
نعانى فيه من ألم وكرب
سأغفر هذه الويلات تترى
وهذا الليل من هلع ورعب
أرى أعداءنا فى خير حال
ونحن الهائمون بكل درب
وكنا أمة أعطت رجالا
عظاما مصطفين لكل خطب
وكأنى ببسيمه تعبر عما حدث للبنان اليوم , وكأنى بها تبكى ما ألم به من دمار وخراب فى حرب أعدى أعدائه السادسه على عمرانه وأمانه , ثم تعود وتقول تعميما فى قصيدتها التى سيراها القارىء فى أعداد قادمه " عصر الطواغيت "
ولكونى شقيقة الشاعرة الراحله , واحياء لذكراها , قمت بجمع دواوينها الثلاث فى ديوان واحد ليوزع على العالم العربى بمساعدة هيئة مهتمه بالشعر فى موطنها لبنان وسيكون مردود هذا الديوان كهديه لهذه الهيئه , للمساعده فى بناء مكتبة وثائقيه فى هذه الهيئه .

**
وقال عنها شقيقها البروفسور بالفلسفة الدكتور ماجد فخري الذي شغل مركز رئيس قسم الفلسفة بالجامعة الامريكية في بيروت سابقاً، ويشغل حالياً مركز استاذ زائر ومحاضر في جامعة "جورج تاون" في واشنطن ، ومؤلف لعدد من الكتب والأبحاث في الفلسفة تُدرّس في الجامعات، وله ترجمة باللغة الانكليزية للقرآن الكريم بموافقة جامعة الأزهر في مصر:
كانت الشقيقة الفقيدة بسيمة فخري تجد في الشعر مَوئلاً من شجون الزمان وتعبيراً عن عواطفها الجيّاشة، وعواطف الحنان والمحبة من جهة، وعواطف الحزن والأسى من جهة أخرى.
كانت قصائدها تنضح بهذين الخطين من العواطف على أحسن وجه. ومنذا يستطيع أن يعبّر على شكلٍ أبلغ عن هذه العواطف في هذه الأبيات التي تخاطب فيها أفراد العائلة؟ بعنوان "لأنتم من أبي":
أهيم بحبكم في كل ناح
كما هام الشميم مع الرياحِ
ويأخذني الغلوّ على مداه
فلا أدري الغدوّ من الرواحِ
جعلت لكم من الأضلاع حصناً
منيع السور ليس بمستباحِ
وفي باب الوطنيات التي نظمت فيها شتى القصائد، تتجلّى موهبتها الشعرية الأصيلة، فهي تقول في احدى هذه القصائد بعنوان: "أيا وطني"
أيا وطني حملتك في فؤادي
ولا أدري إلى أين انتهينا
فلا حبي أقالك من عثار
ولا قلبي استراح كما ابتغينا
مُعبّرة في هذه الأبيات عن الشجون التي تختلج في صدر كلّ وطني أخلص ولاءه للوطن.
أما باب الوجدانيات، فهو حافل بالقصائد العاطفية المعبّرة نذكر منها قصيدة بعنوان "حقل ورد" تقول:
تكون بجانبي وأظلّ أشكو
فكيف إذا بعدتَ وصرتُ وحدي
وترجع فالحياة تعود شهداً
وظلاً يُستظلّ وحقل ورد
جميل أن يعذّبنا هوانا
ويبقينا على جزر ومدّ
مع خالص التحية
**


وكتب الأديب كامل المر رئيس رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا عن (شاعرة من بلادي ) ما يلي:
بسيمة فخري شاعرة من بلادي، وبالتحديد من الزرارية، القرية الجنوبية الوادعة، غيّبها القدر ولم نعرف عنها الكثير. غير أن الدرّ لا يلبث أن يبين ولو بعد حين.
طرقت بسيمة جميع أبواب الشعر، الكلاسيكي منه والحديث، وأبدعت في كل ما كتبت. كل ذلك باسلوب سهل بسيط شيّق ولغة طيّعة.
شعرها "لا عيب" فيه سوى أنه صادر عن قلبٍ مُحبٍ وفكرٍ نيّرٍ وحسٍّ إنساني مرهف:
صباح الخير يا وطني
تمنّى خاطري يوماً
صباح الطير في الفننِ
أراك به بلا محنِ
وعاشت مآسيه فصبّت غضبها على أولئك الذين لا يرون الوطن إلاّ مغانم ومكاسب.
نريد لك الحياة عُلىً ومجداً فما عرفوك إلاّ أرض نهب
ومن جحدوك في الحرب علينا وفي أطماعهم معك اكتوينا
والشاعرة التي عاشت مآسي الوطن وعذاباته، عاشت مآسي من نوع آخر، فقد فُجعت بأكثر من عزيز وحاكت في لوعتها لوعة الخنساء.
أما شعرها الوجداني فيستطير وجداً ويتألق شوقاً.
سلوتك، كيف أسلو بعض نفسي وأغرق في أساي وفي شجوني
هواك ليس هوىً لكنه ألمٌ محببٌ وعذاب لا يعذبني


أجدني أيها القارئ العزيز، وقد استعنت بكلمات الشاعرة للتعريف بها، قد اعترفت لك، عن غير قصد. أن خير ما يعرّف بالشاعرة الراحلة بسيمة فخري، طيّب الله ثراها، هو ما تركت لنا من نتاج فكرها النيّر وأدبها الرفيع، الذي جمعته لنا في هذا الديوان مشكورة، شقيقتها السيدة الأديبة نجاة فخري مرسي، أطال الله عمرها وأتحفنا بالمزيد من ثمارها الأدبية.
واذا ما أردت أيها القارئ العزيز أن تتعرف إلى نتاج شاعرة الجنوب اللبناني الباسل المغفور لها بسيمة فخري، ولا بد أنك مريد، فلا غنى لك عن التطواف في هذه الرياض الشعرية المجموعة في هذا الديوان.
**
وعن الرأي والرؤيا عند الفقيدة الغالية بسيمة كتب الاديب حسان السعافين ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
تشرق الشمس، فتبعث الدفئ والأمل في البشر، ثم تأفل وتغيب، لكن أثر ضوئها يظل مصدراً للحياة وتنشيطاً للعقل والوجدان.
فان كانت يد المنون قد اختطفت من بيننا شاعرتنا المبدعة بسيمة فخر الدين فخري، وأفلت شمسها. فانها لن تغيب عن قلوبنا وعقولنا. لأنّ ما خلّفته لنا من تُراثها الشعري ونتاجها الفكري والأدبي المتمثل في مجموعة دواوينها الشعرية سيظل خالداً ينهل منه روّاد الأدب ومحبّوه ممن سمت عقولهم ومداركهم، ويجدون فيه المنهل العذب.
إنّ من ينهل من هذا الشعر الصادق التعبير ليؤمن انه أمام شاعرة موهوبة مرهفة الاحساس. شاعرة حباها الله تعالى ثقافة ذاتية عالية، ومعرفة دقيقة بكل ما يدور في عالمها ووطنها العربي، مع قدرة نادرة في إداء المعاني التي تعبّر عمّا يجيش في صدرها. شاعرة تؤمن بكرامة الانسان، وحقّه في الحرية والحياة الكريمة. شاعرة تنفعل بالأحداث التي تمر بوطنها العربي والمخاطر التي تحيق به. يكمن حبه في قلبها ويجري في دمها. انه الحب الذي يصدر عن عاطفة جيّاشة، ينساب في يسر وسهولة، وبمعان واضحة مع بساطة في التعبير.
إنه الشعر الذي يصل إلى قلب القارئ وفكره هو كما قال نقّاد الأدب العربي القدماء: "إن ما يخرج من القلب يصل إلى القلب".
إن لبسيمة فخري في شعرها اسلوباً تميّزت به عن شعراء العصر المحدثين. فقد أبدعت في كل فن من فنون الشعر وأغراضه. فكان شعراً متميّزاً من حيث شكل القصيدة وموضوعها. فان بسيمة بما وهبها الله تعالى من شاعرية مرهفة وقدرة فطرية على نظم الشعر فجاء شعرها محافظاً على شكل القصيدة العربية الموروث ذات الوزن والجرس الموسيقي مع بساطة التعبير وسهولة في اللفظ الذي وصفه النقّاد العرب بالسهل الممتنع.
أما من حيث الموضوع، وما طرقته من أغراض الشعر كالفخر بأرومتها وعروبتها، والرثاء الصادق لكل عزيز رحل الى الآخرة. وكان لها الباع الطويل في المدح الذي خصّت به كل من هو جدير به من أحرار أبناء العروبة وثوّارها: كالزعيم جمال عبد الناصر.
كما جاء شعرها في الغزل رقيقاً حلو الألفاظ عفّ المعاني.
لقد كان شعر بسيمة كله متميّزاً بالجودة والاحكام والاتقان زينته الألفاظ الرقيقة الواضحة، مع الاحكام في معانيه وتهذيب حواشيه، والعناية الفائقة بجيّده والنأي عن رديئه.
ندعو إلى الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته ومغفرته، وأن تكون في جنه النعيم مع الأبرار الصالحين.
**
أما عن الذكرى والذاكرة فقد كتب الشاعر خالد الحلي في جريدة التلغراف ـ سيدني ما يلي:
بسيمة فخري شاعرة من جنوب لبنان كرّست شعرها لمعانقة الخير والوطن والحق والانسان.
تحل هذا اليوم الثلاثين من شهر ايلول "سبتمبر" 2005 ذكرى مرور أربعين يوماً على رحيل الشاعرة بسيمة فخري التي كانت شاعرة معطاء كتبت الشعر العمودي وشعر التفعيلة، وعبّرت في قصائدها بصدق وإصالة عن الكثير من الهموم الوطنية والقومية والانسانية.
ونحن نكتب هذه السطور يقفز إلى اذهاننا ما دونته شقيقتها الأديبة والصحافية نجاة فخري مرسي في شكرها لمن عزَّاها برحيل شقيقتها، حيث ذكرت انها مع شدة ألمها عن فقد شقيقتها، وشعورها بالواجب تجاهها قد خجلت من نفسها أن تقيم لها العزاء في استراليا، لأن الشاعرة الراحلة بكت وابكتنا في أشعارها على الشباب والاطفال العرب الذين يقتلون كل يوم بالعشرات، وتسيل دماؤهم في شوارع العراق وفلسطين.
أما الديوان الأول "صحائف عربية" والذي أهدته إلى ذكرى والدها الراحل فخر الدين فخري، فقد ضمّ 95 قصيدة كتبت بين عامي 1952 و1990 ، وجاء بينها 12 قصيدة فقط من الشعر التفعيلة وكانت الكفة الراجحة في الديوان للقصائد القومية والوطنية.
لقد ولدت الشاعرة الراحلة في قرية الزرارية جنوب لبنان، ونشأت في أسرة أدبية ووطنية مشهود لها بعطائها الشعري والوطني. وكان والدها المرحوم فخر الدين تامر فخري الذي رحل عن تسعين عاماً سنة 1968 شاعراً متميّزاً، وقد أمضى حياتاً حافلة في النضال الوطني والقومي وعمل الخير وخدمة المجتمع.
أصدرت الشاعرة الراحلة ثلاثة دواوين شعرية، وتركت بعد رحيلها قصائد كثيرة لم تنشر بعد.
نقرأ في ديوان "أوراق الصبية" 126 قصيدة كتبت بين عامي 1954 و 1991، وجاء بينها 30 قصيدة من شعر التفعيلة، فيما جاءت القصائد الأخرى من الشعر العمودي. ولكن مع اختلاف الاشكال التعبيرية لقصائد الديوان، فان جميع القصائد جاءت تنضح بالحس الوطني والقومي العالي، وتتشرب بحب الخير والجمال والحياة والحق والحقيقة. وفي إطار هذا التنوع الغني بمشاعره وقدرته على التعبير، جاءت قصائد الديوان لتكمل بعضها البعض عبر تناغم يعكس صفاء الروح ونقاء الفكر وسمو العواطف وإباء النفس وكرم المحتد.
ومن الديوان الذي حمل عنوان "أيا وطني" نقرأ إحدى وعشرين قصيدة مكرسة للبنان تمجد تاريخه الأغر ووحدته الوطنية وتراثه الثري، وترسم نجوماً وضاءة في سماء مستقبله، وتجسد الاحلام والتطلعات الخيرة للمقيمين والمغتربين ولكل من يحب لبنان، وفي قصيدة لها بعنوان "لبنان" كتبتها عام 1980 تقول:
لأنك موطني وملاذ قلبي
ومرتع عزوتي أهلي وصحبي
سأغفر كل ما لاقيت مما
نعاني فيك من ألمٍ وكَرْبِ
سأغفر هذه الويلات تُترى
وهذا الليل من هلع ورعبِ
أرى اعداءنا في خير حالٍ
ونحن الهائمون بكل دربِ
وكنا أُمةً أعطت رجالاً
عظاما مصطفين لكل خطب
وبالانتقال إلى ديوانها الثالث "خواطر وأشجان" الصادر عام 1998 والذي ضمّ مائة قصيدة، نجد انه جاء أكثر غنى وتنوعاً وتطوراً. لقد كان الصدق وصفاء السريرة ونبل الروح واصالة النبع والمسار.
كان ذلك كله يشكل قواسم مشتركة تربط بين قصائد الدواوين الثلاثة في كل واحد، يتوهج باصالة تأبى الانطفاء ما دام هناك شروق شمس وبزوغ قمر.
**
إهــداء الشاعرة
لذكرى والدها فخر الدين فخري
القائل سنة 1925

أنا سوري وأصلي عربي
ولقحطان تسامى نسبي
!ن تديّنت فديني وطني
أو تمذهبت فقومي مذهبي
شبتُ والشّيب نذير للفنا
ومضى دور شبابي والغرام
وعفَت نفسي أيّام الصبا
وادكاري عهد هند أو عصام
لا ظبا نجد ولا آرامها
قد صبت قلبي ولاغيد الشآم
إنما وجدي على مجد هوى
وهوى أهلوه من أعلى مقام
**
وها نحن نختار من أشعارها قصائد أبكت الحرف بها على وطنها الغالي لبنان، وعلى باقي أوطانها العربية، ونعد قراءنا الأعزاء بأننا سنعمل على نشر قصائد الفقيدة الغالية في أعداد لاحقة، ليبقى ذكرها خالداً، وهو بالطبع خالد، طالما أنها خطت مثل هذا الجمال الشعري:


أيا وطني

أيا وطني حملتك في فؤادي
ولا أدري إلى أين انتهينا
فلا حبي أقالك من عثار
ولا قلبي استراح كما ابتغينا
فماذا بعد والأيام تجري
تدوس سنابك البلوى كلينا
وحار بك الأساة فما عسانا
نقدم للسقيم وما لدينا
لقد أوليت أمرك دون حدٍّ
لرهط العابثين كما رأينا
سنيناً ظلّ ساحك مستباحا
لهم حتى رزحت أذىً وشينا
نريد لك الحياة عُلىً ومجداً
ومن جحدوك في حرب علينا
فما عرفوك إلا أرض نهب
وفي أطماعهم معك اكتوينا
أيعقل أن تظل على الليالي
سبيتهم ولو نحن ارتضينا
وخان الحظ جولتنا وعادت
رياح الشرّ تهدم ما بنينا
ولم نرَقَ إلى مجد دعانا
الى حلمٍ تفلَّت من يدينا
ولم نحمِ مسارك من جحود
ولا قمم الشّموخ بك ارتقينا
سيأتي من يكون على يديه
إعادة وجهك الصّافي إلينا
حماة الدّار لا ندري بحالٍ
اذا عزموا متى يصلوا وأينا؟
1985
**


لبنان

لأنك موطني وملاذ قلبي
ومرتع عزوتي أهلي وصحبي
سأغفر كل ما لاقيت مما
نعاني فيك من ألمٍ وكَرْبِ
سأغفر هذه الويلات تُترى
وهذا الليل من هلع ورعبِ
أرى اعداءنا في خير حالٍ
ونحن الهائمون بكل دربِ
وكنا أُمةً أعطت رجالاً
عظاما مصطفين لكل خطب
أليس محمد منها ومعها
تحدّى الكون من شرق لغرب
وارسى للعدالة فوق صخر
وللأخلاق ما يحيي ويُنبـي
رسالته بها بقيت وسادت
بما حملته من خيرٍ وحب


**
فتية الغد الوضاح

يا فتية الأمل الصّباح أراكمُ
كالنّور في قسمات كل صباحِ
لما دعى داعي الجهاد تسابقت
خطواتكم نحو الغد الوضّاح
لقنتموا الباغين درساً قاسياً
وفديتموا لبنان بالأرواحِ
نمنا وأنتم ساهرون وليس من
ناموا كمن سهروا بـيوم كفاح
تلك الأماليد التي سقطت على
درب الشهادة في رضى وسماح
مَنْ غيرها أَحرى بأن نحني له
هاماتنا ولذكرها الفواح
أعطت عطاء الخيّرين وأجزلت
لتكون شُعلة ثورة وفلاح
سنظل نذكرها ولو طال المدى
سيّان في الأفراح والأتراح
1976
**
بـيروت يا ريحانة

بيروت يا ريحانة ريّانة تموت
يا نجمة المرجان والجمال والياقوت
كيف استطاعوا أن يجزُّوا الزّهر في ريعانه
وأن يصدّوا الطائر الغريد عن أفنانه
أن يحجبوا جمالك الفتان بالدخان
ويصبغوا خدّيك بالدم البريء؟
وهل يعود أو يفيء
للحقّ للعدالة الانسان
يا قبلة الفؤاد يا بيروت
**
إن الحق منـتصر
مضت ولكنّها في خاطري أبداً
أيام غزوهم الموصوم للأبدِ
مضت ولكنها في القلب قائمة
كلفحة النار في الأحشاء والكبد
أيام كان على أنيابهم أثر
من لحم أطفالك الرّيان يا بلدي
جاءوا غزاة رياح الشر تحملهم
مدججين بحقد الجبن والعِقَدِ
جاءوا بطغيانهم أين الوحوش إذا
رأيت ما فعلوأ بالأهل والولد
يشوّهون مغانينا بما حفلت
ويهدمون الذي شدناه عن حسد
**


هموم الأوطان

إلامَ يظلّ في جنبيّ نار
وفي كبدي جراحات تسيلْ
وعينٌ لي كأنّ بها سحاباً
له في كلّ آونة هطولْ
وأيام كأيام الأسارى
وليل كله حلم ثقيلْ
كأني والصفاء على عداء
تحكَّم لا يحول ولا يزول
هموم فوق محتملي وطوقي
وآلآم تميل كما أميل
وأوطان تنازعها طغاة
لهم سِيَرٌ لها شرح يطول
شياهٌ عند إحراز المعالي
وعند المغنم الذاتي فحول
لقد شَقِيَتْ بأيديهم وهانت
وخيَّم فوقها ليل طويل
1982
**


تحية يا قرية الهناء

لقريتي البعيدة المزار
العفيفة القميص والأزارْ
صبابة مشبوبة الأوار
ما بردت ليلا ولا نهار
لليلها المكحل الجفون
ونجمها المسهّد العيون
وشمسها الوديعة الحنون
وصبحها المذهب الإطار
لزهرها المنمق الصغير
المحبب الأريج والعبير
يلمّه تمّوز في غرور
ينشره نوار في انتصار
لضيعة ضائعة الحدود
حرّاسها الزمان والوجود
موالها المفضّل الوحيد
تسبيحة الحسّون والكنار
تحيّة يا قرية الهناء
يا واحة الحنان والصفاء
من خافق دقّاته رجاء
تبقين ما تعاقب البقاءْ
**
من وراء البحر (رسالة من مهاجر)


هل ليلنا إلا سهادْ
ونهارنا إلأ دموعْ
وفراشنا إلا قتاد
أفهل يطيب لنا هجوع
ليكاد يسلبنا الرشاد
طول الحنين إلى الربوع
ما حال أهلينا وما
يجري هناك من الأمور
وهل المنازل والحمى
والصحب يغمرها السرور
هل شرفتي بقيت كما
كانت تظلّلها الزهور
أو هل بنافذتي ارتمى
قمر تلكأ في الظهور
وشجيرتي هل بكّرت
أزهارها وطيورها
وجنينتي لما درت
نوّار جاء يزورها
أتَزَيَّـنت وتعطرت
وسرى عبير عطورها
أم أطرقت وتحسَّرت
وبدا ذبول زهورها
لم يبقَ غير الذكريات
تظل تلفح كالسعير
سنضيع ما بين البلاد
وليس من يدري بنا
وكأننا بين العباد
غرباء لا وطن لنا
حكامنا بلغوا المراد
من الوجاهة والغنى
نحيا بلا أمل ولا
نرجو لغربتنا مآب
ونظل في حزن على
وطن يسير إلى خراب
1952


**


أجل أيتها الفقيدة الغالية، إن الوطن يسير إلى خراب كما ألهمتك السماء عام 1952، ولكنه لن يموت، وسيبقى صامداً يتطلع باعين محبته إلى أبنائه أينما كانوا.. فنامي في أحضان الخلد، لأنك خالدة أبد الدهر.

نجاة فخري مرسي الأديبة والناشطة: حملت قضايا لبنان والمنطقة الى أوستراليا/ اسعد خوري


        نجاة فخري مرسي أديبة وكاتبة وإعلامية مرموقة ولدت في جنوب لبنان (بلدة الزرارية) وتعلمت في مدارس صيدا وبيروت وتخصصت في الصحافة وتدربت على العمل الصحافي في دار الهلال بالقاهرة حيث التقت شريك عمرها الطبيب المصري الدكتور أنيس مرسي وهو أيضًا كاتب وناشط سياسي.
        عاشت نجاة مرسي ما بين 1962 – 1969 في القاهرة والأسكندرية ثم هاجرت مع زوجها عام 1969 الى أوستراليا، واستقرا في مدينة ملبورن الجميلة عاصمة ولاية فيكتوريا حيث تعيش جالية لبنانية وعربية كبيرة تبوأ عدد من أفرادها مراكز رسمية (أعضاء في البرلمان ووزراء ورؤساء بلدية) كما برز بينهم رجال أعمال معروفون، واعلاميون بارزون نشروا صحفًا ومجلات كان أبرزهم الناشط السياسي الإعلامي رودولف أبو خاطر الذي حمل من مسقط رأسه زحلة الكثير من الوفاء ومحبة الأصدقاء محتفظًا في مكتبه بقنينة خمر زحلاوية معتّقة. وقد بقي يدافع عن قضايا لبنان والعرب حتى الرمق الأخير من حياته. كما لعب ابن زحلة الآخر ابراهيم بخّاش دورًا إعلاميًا مرموقًا حيث أتقن لغة الضاد بأسلوب شاعري رقيق حيث حمل في حقيبة سفره من زحلة دواوين شعر لسعيد عقل مثلما وضع أمام مكتبه الخاص بملبورن في وعاء جميل بعضًا من مياه البردوني كي لا ينسى "دار السلام" ونبيذها المعتّق وكل تراث زحلة الثقافي والأدبي والسياسي.
        استطاعت مجموعة من الأصدقاء والصديقات في ملبورن التصدي للفتنة خلال سنوات الحرب اللبنانية القذرة. أطلّت نجاة فخري مرسي وزوجها الدكتور أنيس مرسي بقوة على العمل السياسي والإعلامي. كانا وجهان لعملة واحدة هي: العمل الوطني الجاد حفاظًا على وحدة الجالية اللبنانية والعربية على السواء ومنع حصول تداعيات تؤدي الى نقل الصراع السياسي من لبنان الى بلدان الانتشار.
        حملت نجاة مرسي القلم بيد وغصن الزيتون باليد الأخرى وصارعت بجدارة تنّين الطائفية ونجحت مع مجموعات لبنانية فاعلة، في تجنيب الجالية في ملبورن مخاطر الانقسام والتشرذم.
        ساهمت الإعلامية نجاة مرسي في تدبيج مقالات في الصحف العربية الصادرة في سيدني وملبورن على امتداد أكثر من ثلث قرن دعت فيها الى الوعي الاجتماعي والوطني والتأقلم الصحيح في البيئة الجديدة. ونُشرت مقالاتها في العديد من هذه الصحف وخاصة في جريدتي "التلغراف" و"النهار" الأوستراليتين حيث كانت على اتصال دائم بالإعلامي البارز بطرس عنداري الذي عمل رئيسًا لتحرير "التلغراف" قبل أن يصدر "النهار" ويتولى رئاسة تحريرها لسنوات عديدة. واستطاعت نجاة مرسي مع مفكرين وناشطين وإعلاميين بارزين في سيدني وملبورن أمثال أنطوان مارون وبطرس عنداري وجان بشارة وكامل المرّ ورودولف أبو خاطر وآخرين، بإقامة لوبي لبناني قوي استطاع أن يقف سدًا منيعًا في مواجهة دعوات التطرف والانقسام بين أبناء الجالية في كافة المدن الأوسترالية.
        أصدرت نجاة مرسي مجموعة من الكتب باللغة العربية (تُرجم بعضها الى الإنكليزية) أبرزها: "رحلة مع القلم"، "كتابات على مرآة الزمن"، "قبل الغروب"، و"المهاجرون العرب في أوستراليا" الذي تضمن معلومات واسعة عن شخصيات لبنانية وعربية بارزة في القارة الأوسترالية.
        في كتابها الأخير "قبل الغروب" تتجلى مشاعر نجاة مرسي المرهفة بالإنسانية والوطنية. هي تبثّ لواعج من قلبها الكبير حيث "بدأت شمس العمر تقترب" كما تقول في مقدمة هذا الكتاب، وتضيف: "قبل الغروب" مجموعة من كل لون، منها المعقول ومنها غير المعقول، منها النسائيات والوجدانيات، ومنها ""الأقوال" النابعة من مشاعر، فاضت بها النفس وضاق بها الصدر، فخرجت تستنجد القلم ليستودعها الورق. والورق نِعْمَ الصديق لخواطر النساء وأفكارهن المتدارية والمتوارية، خلف حُجُب وسُحُب الأعراف والتقاليد في عالمنا العربي المحافظ. والأمل في طبيعة الحياة التي تقول أن بعد الغروب شروق".

        نجاة فخري مرسي أديبة وكاتبة وصحافية لبنانية عرفت كيف تتواصل مع أبناء الوطن الأم في المهجر البعيد بواقعية، متسامية عن القضايا الصغيرة. ساهمت بقلمها في بلورة أفكار كبيرة نالت اعجاب القراء من كل الاتجاهات. وعرفت جيدًا كيف تتعامل وتنشط في الأوساط الأوسترالية المهتمة بقضايا لبنان والمنطقة.

كلام الصورة: غلاف "كتابات على مرآة الزمن" لنجاة مرسي.

الشكر كل الشكر لفريق "أس بي أس" في ملبورن ولكبير المذيعين/ نجاة فخري مرسي


استيقظت اليوم الساعة السابعة على برنامج صباح الخميس الاجتماعي بامتياز الذي قدّمه حسام شعبو وأجرى فيه لقاءات هامة مع العاملين في الجالية في مراكز إجتماعية حساسة في الجالية ووجدت أن هذا النوع من البرامج الاجتماعية التي تلقي الأضواء على العاملين ما بين الحكومة والجالية لتوصيل الخدمات مفيد جداً وأذكر منها :

1- لقاء مع السيد سامر عفرا رئيس مجلس الجاليات الاثنية في فيكتوريا حول قضايا هامة

2- لقاء مع الدكتور خليل سكر مدير مركز برنسيبل هوبسنز باي للعناية بكبار السن، حول شؤون المسنين في فيكتوريا، وضرورة إعلام وتوعية أبناء الجالية وكيف يتعاملون مع مشكلات ذويهم وكذلك تثقيف المشرفين على دور المسنين.

ونرجو من مكتب SBS في ملبورن أن يتحفنا دائماُ بمثل هذه البرامج الاجتماعية بعد أن طغت حالياً البرامج السياسية.

أنا شخصياً كصحافية قديمة يسعدني أن أتقدم بالشكر والتقدير لكبير المذيعين الناشط في تقديم البرامج الاجتماعية التي نرى معه ضرورة التركيز على مثل هذه البرامج والمقابلات مع الناشطين وتعريفنا عليهم وعلى خدماتهم لأبناء الجالية في ملبورن عوضاً عن البرامج السياسية المؤلمة أحياناً.

حفل متألق وبهيج لتكريم الكاتبة والشاعرة والصحافية الأستاذة نجاة فخري مرسي

نجاة فخري مرسي مع أقرب صديقاتها والأستاذ حسام شعبو

خالد الحلي ـ ملبورن
كان جواً حميمياً وصادقاً وأصيلاً إلى حد بعيد، ذلك الجو الذي ساد الحفل التكريمي للكاتبة والشاعرة والصحافية الأستاذة نجاة فخري مرسي، مع صدور ترجمة لديوانها "البعيد القريب" إلى اللغة الإنكليزية تحت عنوان “Near and Afar”. وقد أقيم الحفل بدعوة من اللجنة الثقافية للمرأة العربية في ملبورن، وبرعاية الأستاذ هنري قسطون القنصل العام للبنان في ملبورن والسيدة ليا عقيلته، وبحضور جيد من أبناء الجالية، غصت به الصالة الرئيسية في مطعم سان مارينو بمنطقة روفيل لصاحبيه نبيل ونظمية بورسلان.
أدارت الحفل بتلقائية وشفافية وجمال الشاعرة مريم شاهين رزق الله. وقد استهل الاحتفال بعزف النشيدين الوطنيين الأسترالي واللبناني، ولم تتمكن المحتفى بها الأستاذة المبدعة نجاة من حبس دموعها في عينيها أثناء عزف النشيدين.
وفي بداية تقديمها للحفل قالت الشاعرة مريم أن هذه المناسبة هي مناسبة "متميزة بحق وحقيقة"، وان الأستاذة نجاة جديرة وباستحقاق بكل التكريم والاحترام. و قدمت جزيل الشكر والامتنان إلى كل من الدكتورة عفرا كافانا، والدكتور محمد أنيس مرسي، وطالبة الدكتوراه أوديت راضي على الجهود التي بذلوها في ترجمة الكتاب.
ثم بدأت بالتمهيد لكل فقرة من فقرات الحفل بمقاطع جميلة ومؤثرة من شعرها الشخصي باللغة الفصحى أو باللهجة العامية السورية. وكان أول من قدمتهم الدكتورة شفيقة طراد والأديبة جهاد الأطرش اللتين ألقت كل منهما قصيدة باللغة الإنكليزية من القصائد المترجمة للشاعرة المحتفى بها.
وقدمت بعد ذلك السيدة نظمية رسلان التي تحدثت عن القيم النبيلة التي آمنت بها الأستاذة نجاة وهي تمارس الصحافة وتكتب الشعر، ثم ألقت قصيدة باللهجة العامية اللبنانية أشادت فيها بما انطوت عليه أعمال الأستاذة نجاة من قيم إبداعية ووطنية وإنسانية وأخلاقية خلاقة ونبيلة وعالية
وكان بين المتحدثين أيضا السيد طوني حلو عضو مجلس بلدية ديربين فأشاد بتجربة الأستاذة نجاة ودورها في الحياة الأدبية والثقافية في وطنها الثاني أستراليا، وتحدث بشكل موجز ومعبر عن الهموم الثقافية والوطنية والإنسانية، وأشاد بالجهود التي بذلها ويبذلها الثنائي نجاة وأنيس وشبههما بجناحين لطائر واحد
واستمع الحاضرون بعد ذلك إلى رسالة صوتية بعثت بها شقيقة المحتفى بها الدكتورة عفراء المتخصصة بالأدب الإنكليزي من مقر إقامتها في
قنصل لبنان العام السيد هنري قسطون والسيدة عقيلته
كندا حيث تعمل عميدة لإحدى كليات الآداب هناك، وقد عبرت الرسالة عن الكثير من مشاعر الود والاعتزاز، ونقلت تحياتها الحارة إلى جميع الحاضرين
وقد تلت ذلك كلمة للجنة النسائية الدرزية ألقتها السيدة صفاء كامل الدين، وعبرت فيها عن اعتزاز الجمعية بعطاءات الأستاذة نجاة وأكدت على ضرورة رعاية الأدب في المهجر
وفي كلمتها خلال الحفل عبرت السيدة نجاة حسن من مدرسة الكمال العربية عن شكر وامتنان واعتزاز المدرسة بمواقف الأستاذة نجاة ودعمها، وقدمت لها هدية تذكارية بالمناسبة.
ومن سدني بعث الأديب المعروف الأستاذ كامل المر برسالة رقيقة حيى فيها المحتفلين وأشار إلى ان ظروفه لم تسمح له ليكون مع المحتفلين، مستشهدا بقول الشاعر :"تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، واستدرك بقوله: اذا كانت رياح سدني غير مؤاتية، فرياح ملبورن في أوج نشاطها بفضل "اللجنة الثقافية للمرأة العربية في ملبورن التي رأت - وهي محقة فيما رأت - أن تحول حفل توقيع "القريب البعيد" في طبعته المترجمة الى الانكليزية الى مناسبة لتكريم "الاديبة التي تستحق التكريم" الأديبة نجاة فخري مرسي .فاسمحوا لي أولا أن أهنيء السيدة نجاة على صدور كتابها هذا وأن أهنيء وان أشكر "اللجنة الثقافية للمرأة العربية في ملبورن" على بادرتها الكريمة هذه .
وأضاف الأستاذ المر قائلا: لقد تسنى لي ، أيها الأحبة أن ارافق قلم نجاة فخري مرسي لعشرات السنين فوجدته أبدا قلما مسؤولا يدعو الى المحبة والالفة ليس بين أبناء الجالية العربية فحسب، بل على الصعيد الانساني الواسع. لم يرضخ لظلم، ولا استجاب لإغراء، ولا تورع في ان ينصر مظلوما، ولا سكت عن شواذ يهدد كيان الاسرة والمجتمع، ولا هادن الذين حوّلوا هيكل الوطن الى "مغارة لصوص". وباختصار كلّي انه قلم مسؤول تَرَى كِبَرَ المسؤولية التي يحمل من خلال كتابها "الطيور المهاجرة" أو "المهاجرون العرب في اوستراليا"، أو"عباقرة من التاريخ"، او "المرأة في ذاكرة الزمن"، وحتما في "القريب البعيد"، الذي تشهدون الليلة على اصداره المترجم الى الانكليزية، وسواه من مؤلفاتها العديدة .
وبعد أن أشاد بنشاطاتها في الحقل الاجتماعي أيضا، خلص إلى القول: ايها الاحبة، في رحلة نجاة الادبية، ان قيمة الكلمة من قيمة ذات كاتبها. ونجاة قيمة انسانية كبيرة وجب تكريمها. فالشكر كل الشكر للجنة الثقافية للمرأة العربية في ملبورن، وللدكتور انيس مرسي الذي لا شك انه يعمل ايضا من وراء الكواليس، على هذه البادرة الطيبة، الشكر لهما مرتين : مرة لهذه المبادرة الطيبة ومرة ثانية لاتاحتهما الفرصة لي في ان اقوم بو
مقال عن الكتاب نشر في النهار البيروتية
اجبي في شكر السيدة الاديبة نجاة فخري مرسي على عطاءاتها الادبية والفكرية القيمة.
وبعد ذلك قدمت الشاعرة مريم رفيق درب الأستاذة نجاة، وصديق عمرها، وحبيب وجودها الدكتور محمد أنيس مرسي، مقدمة لذلك بشعر لنجاة قالت فيه:
شريك العمر والأحلام يسكنني وإني لعمري بدرب الحب ألقاه
وما نال مني سوى التقدير من قلمي
وما كان منه سوى الأحلام أحياه
وجاءت كلمة الدكتور مرسي مفعمة بالأحاسيس الجميلة التي تنضح بمشاعر الود والوفاء لرفيقة حياته، وقد تحدث فيها برقة وإيجاز عن الرباط المقدس الذي جمع بينهما منذ البداية، وفي ختام كلمته وجه تهنئة إلى رفيقة عمره عبرت عن ود عميق يتجذر في القلب والروح والفكر
وكان ختام المسك كلمة للمحتفى بها الأستاذة نجاة فخري مرسي فألقت كلمة شكرت فيها الأستاذ هنري قسطون القنصل العام للبنان في ملبورن، والسيدة ليا عقيلته، والمحتفين بها فردا فردا، وأكدت على ضرورة دعم وتشجيع المنتديات الأدبية العربية في أستراليا من أجل استمرارية حضارتنا العريقة في المغتربات حتى يتسنى لنا المزيد من العطاء
وعن ديوانها "القريب البعيد" قالت انها استهلت صفحاته بقصيدة تحمل نفس العنوان هي في الواقع أنشودة إلى وطنها لبنان، وأشارت إلى أن الديوان تضمن قصيدة بعنوان "حبيبتي بيروت" إلى جانب العديد من القصائد الإنسانية والوجدانية. وفي ختام كلمتهاالمعبرة ألقت قصيدتها التي حملت عنوان المجموعة
هذا وقد جاءت لحضور الحفل خصيصا من أديلايد السيدة حليمة نويهض رسلان، التي قدمت هدية رمزية إلى المحتفى بها. ومن جانب آخر ألحت السيدة وداد حرب على نقل تحياتها إلى الأستاذة نجاة ليس كأديبة وشاعرة وصحفية وسيدة مجتمع فحسب، بل كأخت وأم وصديقة لا يعرف قلبها إلا الحب والصدق والوفاء