هجرة الكفاءات العربيه

نجاة فخرى مرسى

من أرشيفى:


أصبحت هجرة الكفاءات العربيه ، مشكله تتزايد خطورتها ، ومن الصعب تجاهلها

تعقد كل يوم ندوات ، وتصدر عنها الأبحاث حول مشكلة هجرة الكفاءات العربيه ، ومن أبرز هذه الندوات , ندوه صدرت عن " مركز دراسات الوحده العربيه " فى بيروت ، أشرفت على تنظيمها اللجنه الاقتصاديه لغرب آسيا المسماه
" أكوا " التابعه للأمم المتحده ، قدم بحوثها ومناقشاتها نخبة من الأساتذه العرب الذين زاد عددهم عن العشرين ، من بينهم أيضا ثمانية أجانب .

أصدر المركز بعد انتهاء الندوه كتابا يمثل دراسة واسعه بواسطة 68 مشاركا من أنحاء العالم العربى وأوروبا ، والولايات المتحده ، ومنظمة الأمم المتحده ، تضمن الكتاب ثمانية عشر بحثا , وقع تركيز الجانب الأكبر منه على هجرة الكفاءات العربيه فى الاتجاهين : نحو أقطار عربيه ونحو أقطار أجنبيه .

لو علمنا أن تاريخ هذه الندوه يعود الى عام 1981 ، وأن الأرقام والمقارنات تبدأ منذ عام 1967 لأخذنا العجب ، وأشعرنا بخطورة المشكله التى تزداد وتتفاقم وليس العكس .
فى هذا الكتاب المكون من 415 صفحه بحث قدمه الأستاذ أنطوان زحلان حول مشكلة هجرة الكفاءات العربيه بالذات ، أخترت منه بعض المقاطع التى تهمنا معرفتها والاطلاع عليها لأنه أدهشنى ما جاء فيها اذ يقول : " وفقا لحسابات أوليه أجريتها مؤخرا ، بلغت النسبه المئويه لهجرة الأطباء والمهندسين والعلماء العرب الى أوروبا الغربيه والولايات المتحده حتى عام 1967 – 50 , 23 و 15 بالمئه على التوالى من مجموع الكفاءات العربيه ، وقد كانت الأعداد 24000 طبيب
و 17000 مهندس و 7500 من المشتغلين بالعلوم الطبيعيه ، كما أن حركات الهجره داخل الوطن العربى كبيره أيضا , ونصادف فى هذا المجال أعدادا كبيره من المدرسين ، وموظفى الادارة أيضا .

فى الوطن العربى اليوم نحو خمسين جامعه ، وبسبب عدد النمو المرتفع للدارسين يتضاعف العدد التراكمى للخريجين فى فترة زمنيه قدرها 3-5 سنوات ويمكننا أن نقدر عدد الخريجين فى عام 2000 الى 12 مليون فى حال استمرار الاتجاهات الحاليه ، ويمكننا تسليط مزيد من الأضواء على تبعية هجرة الكفاءات الفنيه من كل المستويات حتى الدكتوراه لأنه كبير بما يكفى ؛ ومجموع العرب الحاصلين على درجة الدكتوراه الى عام 1967 مماثل لحاملى الدكتوراه فى الولايات المتحده ، أو ألمانيا ، وانجلترا فى غضون الفتره ما بين 1939 الى
1945 ، كما أن فى الوطن العربى من 30000 الى 40000 باحث .
وقياسا على قول الباحث زحلان يمكن مقارنه حجم الهجره العربيه الى أستراليا منذ عام 1860 لشعرنا بالحاجه الملحه الى مثل هذه الأضواء وتلك الاحصائيات التى دفعتنى الى توثيق هذه الكفاءات فى كتابى " المهاجرون العرب
فى أستراليا " فى أواخر الثمانينيات ، فوجدت أن ما لدى جاليتنا العربيه من كفاءات وتخصصات كثيره قد لا يعرفها البعض .

وهنا أهيب بحكوماتنا أن تفسح المجال لأدمغتنا وترعاها للعمل فى أوطاتها لخدمة بلادنا بدلا من اعطائها لبلاد المهجر .


ملبورن أستراليا

المسلسل الذى لا ينتهى


نجاة فخرى مرسى

لا أعلم لماذا راودتنى فكرة العوده الى أرشيفى لأستطلع منه عما اذا كان , ما كتبنا فى السنين الغابره من مواضيع ومقالات من وحى الأحداث ، وخاصة منها السياسيه والاجتماعيه والانسانيه ، بل وطائفيه وما نكتبه اليوم من وحى أحداثنا الحاضره فى نفس المواضيع والملابسات.

اكتشفت فى جوله قصيره أن ماضينا وحاضرنا توأمان اكتشفت , اكتشفت مثلا ما كتبته فى مجلة " العرفان "، وفى صحيفة الحياة اللبنانيتين فى الخمسينيات ، وفى مجلة المصور المصريه ، ومجلة " الرائد العربى " الكويتيه فى الستينيات ، وفى مجلة العالم العربى اللبنانيه فى فرنسا فى السبعينيات وما كتبته فى جريدة النهار اللبنانيه فى المهجر فى السبعينيات, لا يختلف كثيرا عما تستكتبه الأحداث فى عالمنا العربى خاصة والعالمى عامة هذه الأيام ؛ واكتشفت أيضا ان ظروف وطننا لبنان السياسيه والوطنيه والاقتصاديه والطائفيه ما زالت كما كانت عند رحيل جبران خليل جبران الى أمريكا هربا من ظروف وطنه المذكوره ، وعاش يكتب ويردد " لكم لبنانكم ولى لبنانى " ، الى أن مات غريبا حتى عن لغته العربيه ، ونشر انتاجه الفلسفى والفنى والأدبى بلغات العالم قبل أن ينشر بالعربيه ، بدليل أن كتب جبران قد ترجمت الى العربيه .
نعم ، ان ظروفنا ما زالت كما هى ، بل وأنها فى تقهقر مستمر ، نعيش فى الماضى ونتسبب فى تدمير الحاضر، أما مستقبلنا فلربما يحتاج الى عبقرية ساستنا الى بناء حائط واقى بين بيروت الشرقيه وبيروت الغربيه على غرار حائط برلين وحائط اسرائيل والحائط الذى بدأت أمريكا ببنائه للفصل بين حى الكاظميه وباقى الأحياء فى بغداد .
وبما أن قلمى قد أصابته حاله من الرعب مما اكتشفته فى أرشيفى على مدى سنين وعقود بما فيها من تشابه بين حاضرنا وماضينا ، بدأ يتساءل عن مستقبلنا ، فتحول مداده الى دموع ، وأتمنى أن تكون دموع الفرح عند انفراج الأزمه.
ادعوا معى الى الله أن تستيقظ شعوبنا ويستيقظ ضمير الانسان ويعود الى صوابه حتى يهزم "هولاكو" القرن الواحد والعشرين كما هزم هولاكو قديما ؛ وان غدا لناظره قريب .

والى اللقاء مع بعض محتويات الأرشيف مدعومه بأسماء الصحف التى نشرت فيها وتاريخ صدورها

ملبورن- أستراليا