كلنا غرباء

نجاة فخري مرسي
الحرّ بين العبيد
والعبد بين الأحرار...
المتعلم بين الجهلة
الجاهل وسط العلماء
الأديب بين السفهاء
والسفيه بين الأدباء:

كلهم غرباء...!
الأخت في منزل أخيها
البنت في دار أبيها
الأم في بيت إبنها
الزوجة بعيداً عن أحضان زوجها:

كلهن غرباء...!
من يتكلم غير لغته
من ينفصل عن بيئته
من يأكل خبز غيره:

أيضاً غرباء...!
من لا يسمع نبضات قلبه
من لا ينسجم مع نفسه
من يتقيد بالمبدأ الشامل في المجتمعات المشرذمة...
من يرفض الإلتزام مع الملتزمين
من ينبذ الطائفية في الأنظمة الطائفية:

أتعس الغرباء...!

الأرض ليست أرضي

نجاة فخري مرسي
في الغابة المرصّعة بالزهور والرياحين
في سماء موطني الجديد،
أجلس على حافّة الغدير
أسمع خرير مياه الشلالات،
يقاطع أفكاري نقيق الضفادع،
تتضاءل أمامي المسافات
تنبت لي أجنحة من الخيال
لأطير إلى عالم النسيان...!
إلا شعاع النور من الشرق
فلا أنساه...!
* * *
هنالك ترقد والدتي في قريتي الجنوبية
هنالك مرتع طفولتي
هنالك تفتح شبابي...
* * *
ترافقني الذكرى
فتنسيني من شدة بريقها
أنني أعيش على أرض جديدة
وفي أجواء غريبة.
* * *
الأرض ليست أرضي
والهواء ليس هوائي
* * *
الأرض فيها الراحة والأمان
ولكنها ليست أرضي
وأناسها ليسوا بناسي...!
* * *
أرضي تحترق...!
مرقدي فيها سراب
ومثوى والدي يحجبه الضباب...!
* * *
منزلي تشققت جدرانه من دويّ قنابل الدخلاء...
رهوانتي شردت (1)
وكذلك غزالي...!
* * *
أما أشجار الزيتون التي أشرف والدي على غرسها
لا أعرف لها مصيراً...؟!
* * *
داليتي الخضراء، ذات العناقيد الحمراء...
البيادر...
الحمام الطائر...
زهور الأقحوان...!
* * *
شقائق النعمان...
حقول الذرة،
مخبأ طفولتنا،
ربوع الخلة الحمراء
ظلال أشجار الخرّوب،
وثمار التين المرصّعة بندى الصباح...!
أصبحت كلها ذكريات...؟!
* * *

(1) الرهوانه: نوع من الخيول الأصيلة

وأعود

نجاة فخري مرسي
أعود من فردوس الأرض النابضة بالحيوية والجمال الى "ميكانيكية" حياة رتيبة، وصداقات محنّطة،

أعود إلى العالم الهادر، إلى دنيا الأمر الواقع،

أعود لأعيش بحبوحة من العيش لا تسعدني ونموذج مجتمع لا آلفه ولا يألفني.

أعود لأعيش بدون خيمة أمل، أو "عرزال" حلم أو دبيب طفل ما بين الجدران.

أفتقد الأسرة... أفتقد الربوع... أفتقد دفء الإنتماء،

فلماذا أعود؟

* * *

ماذا يهمّ؟

نجاة فخري مرسي
ماذا يهمّ؟
أن تطل الشمس من وراء الغيوم
دافئة وهاجة،
ثم تتوارى وراء الغيوم،
ما دامت ستشرق من جديد.
ماذا يهمّ لو تحدثت مع نفسي؟
ما دامت لا اطلب مني تفسيراً.
ماذا يهمّ، لو إنتفض قلبي محتجّاً؟
ثمّ احتضنته بين ذراعيّ
أهدئ من روعه
ما دمت أعرف ماذا يريد؟
* * *

وبكيت

نجاة فخري مرسي
بكيت لا لأنني أهوى البكاء، بل لأنه من حقي أن أبكي.

بكيت، عندما رحلت عن وطني الى وطن الزوجية وعشت في غربة

بكيت، عندما رحلت عن هذه الغربة إلى غربة أبعد.

بكيت، عندما لأنني أعيش في مجتمع لا يفهمني ولا أحب أن أفهمه،

بكيت، عندما زرت دور المسنين وأسرة المعاقين، ومخيمات اللاجئين،

ثم بكيت أكثر ما بكيت، عند ولادة النظام العالمي الجديد.

التلميذ


نجاة فخري مرسي
أحمل كتبي كل يوم
أمرّ في محطات الصباح
أجلس على "الدّكة"
أكتب، أقرأ، اُسأل، اُجيب
ساعات وأيام
كم من الأعوام تمر؟
وكم من الكتب أدرس؟
وإلى متى أسير مع القطعان؟
* الوظيفة؟ عبودية جديدة
* الزواج والإنجاب؟ فصل في مسرحية الحياة
وتسارع الأيام والسنين
إنذار بالنزول عن خشبة المسرح.

* * *

السقوط المميت

نجاة فخري مرسي
* إن تسقط من فوق رابية، فإنك قد تصاب ببعض
الرضوض الخفيفة،
* إن تسقط من علو بسيط، فقد تضطرب أوصالك
ولا تتكسر،
* إن تسقط من علو شاهق، ولا تموت، تكون قد
كتبت لك السلامة،
وأما أن تسقط من علياء مثالياتك، أو يسقط ضميرك
بعد سموّ وعلو،
فهذا هو السقوط المميت.
* * *

أنشودة الضياع

نجاة فخري مرسي
ماهذا الفراغ الذي يلفني...
والغربة التي تعصر فؤادي...
والأمل الذي تاه
في زحمة الحياة...
وعروق المحبة
التي تآكلت...!
على أعقاب قدري
وفي محراب غربتي
وفي مرآة شيخوختي
أدمدم
أنشودة الضياع...!
أشعر بأنني عصفور "مهاجر"
تاه عن سربه
وقطرة ماء
إتنطرت من زخّة مطر،
ووتر منفرد
في سيمفونية يتيمة...
أفتقد أملاً،
أحيا لأجله.
أراني الدمعة الحائرة...
والكلمة الثائرة...!
أراني الجوهرة التي تباع...
والقصيدة التي لا تذاع...
وأراني أنشودة الضياع...!

الدرويش

نجاة فخري مرسي
سأل الشاب:
- ما اسمك أيها العم؟
فأجاب الرجل المسن الجالس في الطريق:
- إسمي الدرويش...!
- ومن أين أتيت؟
فأجاب الرجل المسن من خلال لحيته الطويلة وعيونه مرفوعة الى السماء، وأصابعه تعبث بسبحة طويلة:
- أنا من البلاد التي تسمي الكسول الذي اختار أن يتسول ويعيش على خبز غيره: درويشاً
- وتسمي الجبان الذي يخاف أن يدافع عن حقه: مثالياً
- والفاشل الذي عجز عن صنع مستقبله: قنوعاً
- والقوي الذي يستعبد الآخرين: زعيماً
- ومن أتقن صناعة الكلام: شاعراً
- وتسمي كل حكيم أو مصلح: نبياً
فابتسم الشاب وقال:
- أعتقد أنك من الشرق...!

نبذة عن تاريخ إنشاء محطات البث الاثني المتعدد اللغات في ملبورن

نجاة فخري مرسي

كانت نسبة المواطنين المولودين خارج استراليا عام 1976 حوالي 10%، ولكنها ارتفعت لتصل الى 29% عام 1976.
ولذلك تقرر إنشاء محطة إذاعية متعددة اللغات لسد حاجة المهاجرين غير الناطقين باللغة الانجليزية. فأنشأ غوف ويتلام/رئيس وزراء الحكومة العمالية في ذلك الحين محطة 3ZZ. ثم جاءت حكومة فرايزر/رئيس حكومة حزب الأحرار، فألغتها وأنشأت محطة 3EA في ملبورن التي تذيع الآن بأكثر من 68 لغة (وأصبح إسمها اس بي اس). ثم تلا ذلك إنشاء محطة تلفزيونية اثنية ( القناة 28).
كما تقرر بعدها إنشاء مؤسسة اس بي اس، للإشراف على البث الإذاعي والتلفزيوني الخاص بالمهاجرين.

التجربة العملية الأولى:
بدأت إذاعة 3EA في الأشهر الثلاثة الأولى تبث برامجها باللغات: اليونانية – الايطالية – التركية – اليوغوسلافية – المالطية – الاسبانية – الالمانية – والعربية. وكان مجمل ساعات الارسال 42 ساعة في الاسبوع، تبدأ من الساعة السادسة والنصف صباحاص وحتى التاسعة مساء.
كانت البرامج تقتصر انذاك على الموسيقى، واللقاءات مع الشخصيات البارزة فقط، وبعض الاعلانات الصحية والاجتماعية والخدمات، وذلك لإشعار المهاجر بأنه جزء من المجتمع الجديد، بأن تشرح له كل ما يتعلق بتعويضات العمال، وكيفية الحصول عليها.
أما إيجاد المذيع الملائم فكان من المصاعب التي واجهت الاذاعة في تجربتها الاولى. وأما ردود الفعل فقد كانت مشجعة للغاية، مما دعا الحكومة لاعتماد مبلغ 49 ألف دولار للإذاعة الاثنية.
وفي الستة شهور التالية للتجربة زاد الاعتماد المالي الى 145 ألف دولار وزادت ساعات البث الى 118 ساعة في الأسبوع.
التطور التقني السريع:
ومع التطور التقني أصبح بالامكان دمج اذاعتي 3EA في ملبورن و2EA في سيدني واصبحت البرامج تغطي كافة المدن الاسترالية.
وقد تحولت اس بي اس اعتباراً من الاسبوع الأول من شهر اغسطس/اب 2009 الى الارسال الرقمي Digital وأصبح لديها تسعة أقنية على جهاز الراديو الجديد. وبواسطة هذه التقنية الجديدة يمكن اعادة الاستماع الى البرنامج بعد ساعة من انتهائه. كما يمكن الاستماع الى 14 ساعة بدلاً من 10 ساعات كانت مخصصة لملبورن في الفترة السابقة.
هنيئاً للاس بي اس بهذا التطور والانجازات التي سيستفيد منها ابناء الجالية في مختلف انحاء استراليا.

تصنيف الألقاب

نجاة فخري مرسي
تحدثت في الاسبوع الماضي عن ضرورة ايجاد "تعريف" محدد وواضح للارهاب، الذي تدعو اميركا الى محاربته، على أمل أن تلتقي دعوة اميركا مع وجهات النظر القانونية، وموازين الشرعية الدولية، لا أن تكون مجرد دعوة مغرضة لمحاربة منظماتنا الوطنية التي تدافع عن ارضها، ومصيرها وحقوقها المشروعة.
واليوم سنتحدث "بنعمة الله" (1) عن تصنيف الالقاب، لأنها من وجهة نظرنا مشكلة عويصة تسيء الى أصحاب المراكز وذوي الالقاب. ولا أغالي اذا قلت ان اكثر مجتمعاتنا توزع الالقاب بشكل زائد، وهذا أمر يتنافى مع أصول الآداب الاجتماعية، أي بالغات الاجنبية "البروتوكول".
ودعونا من باب الفكاهة، دون أن نسيء الى أحد، نذكر ونذكّر بهذه الالقاب المتداولة في اكثر مجتمعاتنا الشرقية، فمثلاً نسمي مدرس محو الأمية بالاستاذ.. وكاتب المقالات في الصحف بالأديب.. والممرض بالدكتور.. القابلة القانونية، بالست الدكتورة.. وأي موظف في الحكومة بسعادة البيه.. وكذلك الراقصة بست الكل، وإذا أصبحت تعلم الرقص الشرقي، بالاستاذة، وهلم جرّاً، وهذا طبعاً قليل من كثير لأنني نسيت أن أذكر(يا باشا) ورحم الله الاساتذة، والدكاترة، والادباء، والبهوات من مثل هذه الفوضى التي تشعرهم بالغبن والحرج.
- وربك يرسل الفرج-
(1) العبارة الظريفة للدكتور بولس في برنامج "دقيقة لصحتك" من محطة 2ME.

تعريف الإرهاب

نجاة فخري مرسي
تقدمت أميركا مؤخراً بمشروع محاربة الإرهاب في العالم. وأقامت لتسويق الفكرة "الملغومة" مؤتمرات في الدول الموالية لها، والخاضعة لإرادتها!
الفكرة رائعة وضرورية لحماية المجتمعات الإنسانية من شر الإرهاب والإرهابيين، إذا طبقت بحسن نية ونزاهة دون تحيّز.
من المعروف ان الإرهاب ظاهرة قديمة جديدة، وانها وجدت وما زالت موجودة في كل المجتمعات البشرية. بل وفي كل العصور، بأساليب وأشكال مختلفة. وغالباً ما تكون مرتبطة بشعور الانسان بالظلم والاحباط والخوف، أو بالطباع العدوانية. أو في أكثر الاحيان تكون لها مسببات قاهرة، فتأتي على شكل فدائي أو نضالي من أجل حق مسلوب أو مقاومة مستعمر.
ولكي تقوم دول العالم الإستعمارية بمحاربة الارهاب بالنزاهة المطلوبة يجب أن تطالبها الدول الحرة والمغلوبة منها على أمرها بعمل مؤتمرات لدراسة حالات الإرهاب والوصول الى وضع صيغة تصنف الإرهاب وتعرّف عليه. وعلى ضوء هذه الدراسة وهذا "التعريف" تبدأ بإصدار الاحكام القاسية منها أو المخففة. تماماً كما يفعل القضاء في المحاكم.
واما أن تكون الكلمة في محاربة الارهاب من دول كأميركا أو بريطانيا التي عرفت كل منهما إما بالاستعمار المباشر وإما بدعم الاستعمار، وتشجيع الارهاب الدولي كما هو حاصل في فلسطين وفي جنوب لبنان، فهذا أمر يدعو الى الشك والريبة! والغريب المريب في الأمر حقا، أن يتحمس بعض حكامنا العرب للفكرة الاميركية وأن يستضيف هذا البعض مؤتمرات تسويق مشروع محاربة الارهاب الاميركي مع أنهم لا يجهلون الغاية منه. وهي وصم منظماتنا الفدائية ونضالها المبارك ضد الاستعمار الاسرائيلي للاراضي في فلسطين وفي الجولان وفي جنوب لبنان.
ولكي نكون على بينة من نوايا اميركا وبريطانيا، ومن يدور في فلكهما من محاربة الارهاب في العالم وهي: - الارهاب الدولي – الارهاب العرقي – الارهاب الديني والطائفي – الارهاب في شوارع نيويورك – المتاجرة في المخدرات – الارهاب في تعذيب أسرى الحرب والسجناء السياسيين - الارهاب في مصادرة الاراضي والاعتداء على مقدسات الآخرين - الارهاب في كسر البيوت والبنوك والسرقات - الارهاب في برامج التلفزيون الاميركي التي انتجت خصيصا لتدريس العنف، والقضاء على القيم الاخلاقية والتقاليد، وتفتيت الأسرة – وصولاً الى الارهاب في الاعتداء على النساء والاطفال والعنف المنزلي وإفساد الشباب.
كل هذه حالات ارهاب، بسبب أو بدون سبب وقد تدفع احياناً بالمظلوم حتى ان يسلك الطريق الخطأ في ردع الظلم بأسلوب ثوروي متهور فيؤذي الأبرياء ويسبب لهم الخوف، وأحياناً الموت والخسارة، وهم لا ذنب لهم فيما يعاني.
وأمامنا الآن خبر الحصار الذي ضربته اسرائيل على قرية "ارنون" في جنوب لبنان بالاسلاك الشائكة، والالغام الارضية المحرّمة دولياً لمنع سكان القرية من التحرك حتى في طلب الماء والغذاء والدواء. في حين أن لبنان والعالم وايضا مجلس الامن، بانتظار انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبناني منذ اكثر من عشرين عاماً، بدون قيد أو شرط.
فهل يا ترى ستسمي اميركا هذا الاحتلال ارهابا؟ ان انجازا وتباركه وتدفع لاسرائيل مكافآت مالية وعسكرية. كالعادة بعد كل مذبحة تفتعلها، وكل احتلال تحققه؟
وهل يا ترى ستسمي اميركا ما فعله وما يفعله الصرب اليوغوسلاف في البوسنة والهرسك من مذابح بشرية ومدافن جماعية ارهابا؟ أم ان اميركا لا همّ لها سوى ضرب وحصار وتأديب كل من تحدثه نفسه ان يعكر صفو اسرائيل في بلادنا العربية، ووصم منظماتنا الفدائية بالارهاب؟

أضواء على كتاب جوليا صباغ: الرب راعينا

نجاة فخري مرسي
تهاني الى الصديقة والزميلة في العمل الإجتماعي السيدة جوليا صباغ بمناسبة صدور كتابها باللغة الانجليزية بعنوان "الرب راعينا The Lord is My Shepherd" تبدأه أولاً بقصة معاناتها كفلسطينية بعد موت أمها وزواجها المبكر في ظروف ضياع الأرض والوطن والعيش في الشتات، والكتاب مكوّن من 26 فصلاً تفتتحه بكلمة لفيلسوفنا جبران خليل جبران عنوانها "الحرب" يقول فيها:
"أنت أخي، ولكن أنت تحاربني؟ ولماذا تحتل بلدي، وتحاول قهري وإخضاعي من أجل إسعاد هؤلاء الذين يبحثون عن المجد والسلطة؟
ولماذا تترك زوجتك وأطفالك لتلحق بالموت من أجل أولئك الذين يشترون المجد بدمائك؟ وبدموع والدتك. هل هذا يشرّف الذي يقتل أخيه الإنساه؟ هل يستطيع المحبّون أن يتبادلوا الحب والقبلات في ساحات القتال وهم مازالوا يبكون بالقنابل؟"
تدور فصول الكتاب من نواح أخرى حول مأساة الشعب الفلسطيني في بلاد الشتات وهو ممنوع من العودة الى وطنه وأرضه وكيف أن الدخلاء قاموا بإطلاق السموم وتزوير الحقائق، مثل القول " إن الشعب الفلسطيني شعب مسلم يعبد الله وهو لا يعبد God. وتوضح السيدة جوليا صباغ أن God باللغة العربية هو الله وبأن الموضوع يعود الى اللغة التي تختلف في كل بلد عن أختها، وتسرد في صفحة من صفحات الكتاب ما اسم God باللغة الانجليزية، والألمانية، والفرنسية، والإيطالية، واليونانية، والمالطية، والعربية. وتختم القول بأن "الله" تعني " God".
وبهذه المناسبة، نرى من واجبنا في إعلامنا العربي إلقاء الضوء على هذا الكتاب خاصة وهو يعالج مشكلة إعترضت السيدة جولي صباغ أرادت توضيحها، والمضحك المبكي أن الروّاد والمصلين لم يشتروا هذا الكتاب ولا وجدوه يستحق حتى ندوة لبحث بنوده وتوضيح أبعاده أو أهدافه.

لسعة الألم

نجاة فخري مرسي

إن أجمل ما في الحياة يا حبيبي
هو أنها حلم ويقظة.
حلم
عندما نريد أن نحلم،
ويقظة
عندما توقظنا لسعة الألم ...!

ماذا يهمّ؟
ماذا يهمّ
أن تطل الشمس من وراء الغيوم
دافئة وهاجة،
ثم تتوارى وراء الغيوم،
ما دامت ستشرق من جديد؟
ماذا يهمّ لو تحدثت مع نفسي
ما دامت لا تطلب مني تفسيراً.
ماذا يهمّ، لو إنتفض قلبي محتجاً
ثم احتضنته بين ذراعي، أهدئ من روعه
ما دمت أعرف ماذا يريد؟

في فراش المستشفى

نجاة فخري مرسي

في فراش المستشفى، بعد تجربة صراع الحياة مع الموت سببتها نوبة قلبية ألمت بي دون سابق إنذار، أشعرتني بأحكام الحياة، عندما تلقي بثقلها على كاهل الانسان.

حاولت أن أبعد عن أفكاري صورة هذا الكون المرابي الذي يأخذ ويأخذ، وعندما تكتمل رسالة كل إنسان في خدمة قانون البقاء، نجده يكيل له النوبات القلبية، وضعف الحواس السمعية والبصرية وهشاشة العظام.
(لعلها المكافأة التي ينتظرها من دنياه ويتوخاها)

من حسنات هذه التجارب العضوية أن تنعكس على صحتنا النفسية، فتجردنا من الأفكار النرجسية، وتجعلنا أكثر واقعية.

كانت النفس تسعد بنبضات الحب في القلب. وكان القلب يُسعد النفس بنبضاته التي تشعرها بالسعادة.

والآن، وبعد ان اختل توازن النبضات، وتكفل ضعف الذاكرة بأن ينسينا أجمل الذكريات، أصبح من الصعب علينا الجمع بين ثنائي النفس والقلب، وأن نعيد لكليهما مناغماتهما السابقة.
وهذا جعلني أخاطب القلب قائلة:
أرجوك يا قلبي
دارت الأيام
وضاعت الأحلام
ولم أجد أمامي
سوى أوهامي.

أرجوك يا قلبي
لا تعترض دربي

أريد أن أركض
أريد أن أمشي
أريد أن أضحك
أريد أن أبكي
أرجوك يا قلبي
لا تعترض دربي

حبات البرد

نجاة فخري مرسي
كلما تساقطت حبّات البرد
واستقرّت بين الأعشاب
تفرح التربة
يُسعدُها أن يذوب البرد
ويسري في جذورها
فينعش فيها جفاف العروق.
الحياة أخذ وعطاء
مديونة:
للأزهار والبلابل
للشمس والقمر
للينابيع والأنهار
للسواقي والجداول
للنحل والنعاج
للحقل والمشاتل
الحياة أخذ وعطاء
فكيف أستطيع أن أوفيها؟
وأنا آخذ منها ولا أعطيها؟

مرآة الزمن

نجاة فخري مرسي


إنها ليست مرآتي
فمرآتي تعوّدت أن تريني صور الحيوية ونضارة
الشباب ...!
أصبحت أرى خطوطاً كالأخاديد
صورها أحكام ظالمة ...
ستبقى تطاردني
لأنها ليست مرآتي
إنها مرآة الزمن ...!
مرآتي كانت صديقتي
لا أرى فيها سوى نضارتي

* * *


أجمل الرسائل

في الساعات المتأخرة من الليل
في مكتبي الصغير المطل على الحديقة
شعرت بسحر غريب

* * *

تمايلت في مخيلتي صور ومشاهد
رافقتها أحاسيس
قفز القلم إلى يدي
فكتبت أجمل الرسائل ...

* * *

عيد الأم يتلألأ على مدى الأيام

نجاة فخري مرسي
اليك أيتها الأم الحنون، يا من علمتنا كيف نفهم الحياة، ورعيتنا ونحن نحبو، وأخذت بأيدينا بعد أن مشينا، وسهرت معنا ونحن نتعلم، وباركتنا عندما تزوجنا وانجبنا، ولم تنس أولادنا، إليك نقدم تهانينا.
عيد الأم هو من أهم الأعياد التي يجب أن نحتفل بها جميعاً، وسأقدم عبر السطور التالية لمحة عن تاريخ انطلاقة فكرة الإحتفال بيوم الأم:
- عام 1872 انطلقت الفكرة وكانت صاحبة الفكرة سيدة أميركية تدعى "جوليا وورد"
- عام 1887 قامت سيدة أخرى تدعى "ماري تاولز" بمحاولة جديدة لتحقيق الفكرة ثم تلتها عام 1904 السيدة "هارينغ" بحملة واسعة ومنظمة لنفس الغرض، وبعد مرور ثلاث سنوات على ذلك التاريخ، بدأت السيدة "آن جارفيز" بالدعوة إلى جعل يوم الأم مناسبة وطنية على مستوى البلاد ككل، وأن يكون موعده في ثاني يوم أحد من شهر مايو (آيار) كل عام، وتقلد فيه كل أم زهرة قرنفل، وتجاوباً مع السيدة جارفيز بدأت الاحتفال كنائس "غراتون" – "فيلادلفيا" مسقط رأسها، فكان أول احتفال بعيد الأم عام 1908، ثم قامت بعدها كنيسة "أندروز ميثودست" في المدينة نفسها بتكريم السيدة جارفيس، واعتبارها المؤسسة ليوم الأم، هذا مع تأكيد اليوم الذي اختارته لهذه المناسبة.
- اعتمدت الفكرة رسميا عام 1914 عندما وقع الرئيس الامريكي "وودرو ويلسون" على قرار لمجلس الشيوخ والنواب في أمريكا يوجه فيه أنظار رؤساء الدوائر الرسمية الى وضع اعتبار خاص ليوم الأم، وفي العام الذي تلاه وقع الرئيس ويلسون قراره التاريخي الذي يقوم: "أنا الرئيس وودرو ويلسون وودارد" رئيس الولايات المتحدة، أوصى المسؤولين في الحكومة برفع علم الجمهورية على المصالح الامريكية لرفع هذا العلم على بيوتهم وفي كل مكان، وذلك في ثاني يوم أحد من شهر مايو/آيار من كل عام، كتعبير جماهيري عن حبنا وتقديسنا للأمهات في بلادنا.
وها نحن نعيش السنوات الأولى من قرن جديد، وعيد الأم في أكثر من بلاد العالم ما زال مجرد احتفالات تقليدية، وزهرات قرنفل تقلد للأمهات، ونحن نتساءل:
لماذا أصبح عيد الأم مناسبة تجارية، قبل أن يصبح إجازة رسمية؟
ولماذا نرى في الروزنامات وفي المفكرات تواريخ ومواعيد لإجازات رسمية، مثل سباق الخيل المعروف بـ "كأس ملبورن"، والمعرض التجاري الزراعي "ملبورن شو" وغيره ولا نجد أي ذكر في استراليا لعطلة رسمية بمناسبة عيد الأم، هذا على الرغم من تأثير الأم على مشاعرنا واستعمالاتنا اللغوية الشائعة مثل "اللغة الأم"، "الوطن الأم"، والدناي أم، والجنة تحت أقدام الأمهات.. والأم التي تهز سرير طفلها بيمينها، تهز العالم بيسارها، الى آخر هذه الاستعمالات التي تدل على تأثير الأمومة على مشاعرنا وعقولنا، وتضع الأم – كل أم في مكانها على عرش قلوبنا، لأنها هي التي أنجبت كل ما في هذا الكون من رؤساء وحكام وسلاطين، وهي هي التي ما زالت تطالب، ونطالب معها ولها، بيوم واحد كعطلة رسمية في عيدها، وببدل أمومة تستحقه ويليق بمقامها، وهذا حق وليس منّة.
أخيراً دعونا بهذه المناسبة المميزة، نقدم التهاني للأم العربية في المهجر، التي نجحت في حمل رسالتها، واستطاعت أن تحافظ على قيمتها الروحية وتقاليدها الشرقية في تربية أولادها.
والسؤال المحيّر هو: لماذا تحوّل ثاني يوم أحد من شهر آيار من كل عام في استراليا، وبقدرة قادر الى 31 آذار في البلاد العربية، والى 10 آيار في بلاد جنوب امريكا، والى 18 آذار في بريطانيا ونيجيريا واختلفت التواريخ في كل بلاد العالم، وأنا أطالب نساء العالم بالاتفاق على يوم واحد ليحتفل العالم كله في يوم واحد بعيد الأم.
وكل عام وكل الأمهات بصحة وعافية ليكملن رسالتهن الخالدة.

الى أديبة ثائرة

نجاة فخري مرسي

وضعت قلمي في القوالب الصحفية
والتسجيلية ...
الى أن كاد يختنق ...
لو كان لي قلمك
ودرجة ثقافتك ...
لما كتبت أكثر
لأن حماسك وحماسي ...
أنفاسك وأنفاسي ...
من مصدر واحد
ثورتنا لا تستطيع أن تتخلى
عن إنسانيتها
"الحريّة تؤخذ ولا تعطى"
"لا يحرّر المرأة سوى المرأة"
أقوال لها سحرها، ولكنها
مجرّد أقوال...
ومعارك النساء في سبيل حقوقهن ...
بمجرّد دموع متدارية وراء الجفون ...
الى أن يسقط حائط برلين.

* * *

هجرة أبناء الجنوب الى افريقيا

نجاة فخري مرسي
كنت وأنا صغيرة أسمع الناس في قريتي الجنوبية* يقولون:
- فلان هاجر من أيام الاستعمار العثماني ولم يرجع..
- فلان أرسل لأخوته "النيلون" الواحد بعد الآخر..
- فلان سافر الى السنغال وترك زوجته وأولاده الى أن يستقر ويرسل في طلبهم..
- فلان رجع ليتزوج من بنات بلده..
- فلان – الله يحميه – يبعث لأمه وأخواته "حوالة" كل شهر..
- فلان – الله لا يقطع له عاده – كل سنة بيصيّف في جبال لبنان..
- فلان بعت أولاده ليتعلموا لغتهم في مدارس بلاده..
- فلان، تبرّع بشق طريق للسيارات في ضيعته..
- فلان اشترى بنايات في بيروت..
- فلان تبرع بفتح مستوصف وناد إجتماعي في البلد..
- فلان أصبح قنصل لبنان الفخري في باريس..
- فلان إشترى الجبل الفلاني واستصلحه وأصبح بساتين..
- فلان أرسل الأموال لبناء مدرسة ثانوية لأولاد الضيعة..
- فلان ربنا فتحها عليه وصار مليونيراً..
- فلان فتح مصنعاً للألبسة في أبيدجان دخله السنوي بالملايين..
- وفلان مات بالغربة يا حرقة قلب أمه عليه.

والغريب أنني لم أسمعهم يوماً يقولون:
- فلان فشل ورجع.. أو فلان لم ينجح، مما ثبت في عقلي الصغير أن الهجرة تصنع المعجزات. ولم يحاول عقلي الصغير ولا حتى، بعد أن نضج واكتمل أن يناقش هذه الهجرة المكثفة من الجنوب، ولا أن يتعرف على أسبابها التي تدفع بالمرء بأن يترك بلده وأهله، وأحياناً زوجته وأولاده، ويسافر الى افريقيا حيث الشعوب الافريقية المختلفة، والطقس الحار والمناخ السياسي غير المستقر.

* (جنوب لبنان)

رسالة من مهاجر

نجاة فخري مرسي
أنا يا أمي أحب بلدي الجديد، وأعتبره وطني الثاني، لأنه يؤمّن لي فرص العمل والحياة المستقرة والمستقبل الأفضل. ولكن بعض المتعصبين فيه – وما أكثرهم – يصرّون على إشعاري دائماً بأنني غريب – مواطن من الدرجة الثانية – بل ويطلقون عليّ تسميات عدائية مع أنهم جميعاً غرباء – باستثناء السكان الأصليين "الأبورجينيز".

ما أصعب يا أمي، وما أمرّ وأقسى أن يترك المرء وطنه ومسقط رأسه وبيئته التي نشأ بها وأصدقاء طفولته وذكريات شبابه. كم هو مؤلم حقاً أن يترك المرء أهله الذين يعرفون قدره. ويتكلمون لغته، التي ينطقها دون عناء، ويقرأ فيها تاريخ حضارته وأصالة تراثه. ثم يهاجر ليعيش في بلاد غريبة، مع أناس غرباء لا يعرفون قدره ليستبدل عاداته وتقاليده بعادات وتقاليد غريبة عنه لكي يعيش كالآلة يلهث وراء الدولار، ووراء هوية جديدة.

أتعلمين يا أمي كيف يجني المهاجر رزقه في بلاد الإغتراب؟ من الأفضل أن لا أزيد همّك فأحصي لك قطرات العرق التي يحتاجها، لأنه يحتاج الى قدر كبير منها.

أمّا الهوية واللغة، وماء الوجه، ومشاعر الإنتماء فهذه جميعها درر وجواهر إفتقدناها ونحاول أن نستردها بكل ما أوتينا من عزم وتصميم.

وحتى المكاتب الرسمية يا أمي، تسمينا "الفئات الإثنية" أي الفئات المهجرية أو العرقية وهي تسمية تشمل حوالي 140 فئة إن لم تكن أكثر إذ يصل مجموع أفرادها الى حوالي الخمسة ملايين مهاجر من جميع أنحاء العالم. إن هذه التسمية تشعرهم دائماً بأنهم أجزاء منفصلة عن المجتمع في هذا البلد. (هذا طبعاً باستثناء الجالية الانجلوسكسونية التي تعتبر نفسها صاحبة البلاد) مع أن تاريخ استراليا يقول غير ذلك.

قلت يا أمي إن عدد أفراد هذه "الفئات الإثنية" أصبح يعادل حوالي 30% من مجموع سكان البلاد، ومن حسن حظها أنها أصبحت ورقة انتخابية يتسابق المرشحون للمراكز السياسية على كسب أصواتها وذلك بتقديم المزيد من الخدمات الإجتماعية والتسهيلات المهجرية، ومع ذلك لا زالت في منأى عن المراكز الحساسة في الدولة بعيدة عن المسارح السياسية والإعلامية، يعمل أكثرها بالأعمال التجارية الصغيرة والوظائف الثانوية، والأعمال اليدوية والصناعات الأولية. لقد كان من نتائج هذا التمييز السافر والمقنّع أن قرّبها من بعضها وخفف من آلام غربتها.

ويبقى السؤال الكبير يا أمي، الذي يسأله المهاجر لنفسه كل يوم: هل يعود للوطن أو لا يعود؟ لأن الوطن الذي عجز عن تأمين الحياة الكرية لأبنائه، وانشغل عنهم بمشاكله السياسية والطائفية يجب أن يتناساه ولا ينساه. وأن يعزز الوفاء لوطنه الجديد الذي وجد في رحابه الطمأنينة والأمان.

ويبقى يا أمي حب الأوطان ذلك الخيط الذي لا ينقطع، وتبقى الجذور هي الجذور.

أحبك يا أمي وأحب تراب وطني الذي أنشغل عنه بآلامه.

مهاجر

بالحب وحده

نجاة فخري مرسي

حتى الحب
متنفس القلب
ونافذة الوجدان
سنّوا له القوانين
فرضوا عليه الحراسة
وضعوا عليه علامات الإستفهام ...
مَن؟
متى؟
كيف؟
وماذا؟
ولماذا تحب؟
أخضعوه لإرادة القبيلة
الدين،
الأسرة،
الجنس، النوع ...
المصلحة:
مصلحة الأهل،
مصلحة رجال الدين،
مصلحة الجنس الأقوى ...!

* * *
ويبقى القلب
كلما نبض
ودقت نواقيسه
في لحظات انجذاب أو حيوية
لا يفرّق بين أبيض وأسود
يكسر القيود ...
يثور على الأعراف ...
يتمرّد على التقاليد ...
يتحوّل الى شمعة من نور
لا يعرف الكراهية
ولا تعاليم للمستفيدين:
"هذا عدوّك،
هذا ليس من دينك،
هذا ليس من مستواك" ...
ولا تردّد نبضاته الثائرة،
سوى أنشودة واحدة
لا يفهم سواها
أنشودة المحبة
ثم المحبة
ثم المحبة
وهذا هو الحب ...!

* * *

أبحث عن عمري

نجاة فخري مرسي



يا حلمي الجميل ...!
يا رفيق أفكاري المتمردة
في لحظة ذكراك
أبحث عن عمري.
إن ومضت ذكراك مع ومض الفضاء
ينبعث الدفء في أوصالي
كعصف الرياح.
تذكرني بأنسام الربيع
في واحاتنا الخضراء
تذكرني بالحدائق الغناء
تذكرني بلحظات الجنون
حيثما كنّا ...
وحيثما لا نكون ...!
من غرائب الأمور
أن تكون للسعادة
دموع ...
وأن تكون للمحبة
أجنحة ...
وأن يكون للقلب
صالونات ومفاتيح ...
وللعيون النجلاء
نظرات صامتة
خرساء
تجعلك تسبح
في محيطات
من الهناء ...!

لمن أوسمة البطولة؟

نجاة فخري مرسي

في موكب مهيب ... وقفت أوزّع بعض أوسمة البطولة من نوع خاص ... (لأنني أرفض أن تبقى أوسمة البطولة وقف على حملة السلاح والقنابل المدمّرة ...)

- منحت وسام بطولة للأمومة المعطاءة التي تعطي الأجيال دون أن تطلب ممن حملتهم في أحشائها وسهرت عليهم الليالي أن يحملوا إسمها على الأقل ...

- منحت وسام بطولة لربّات البيت اللواتي يقمن بعشرات الوظائف بلا مقابل ... ومع ذلك يتحملن الإقلال من قدرهن ومن اعتبارهن عالة على الأزواج ...

- منحت وسام بطولة لكل ذي عاهة مزمنة يعتمد على نفسه ولا يجد من حقه الإعتماد على الآخرين ...

- منحت وسام بطولة للمدرّس الذي ينشر التربية والمعرفة، ويقابل بقلة التربية ...

- منحت وسام بطولة لشابة زوجها أبوها لرجل بعمره فقبلت حكم هذا الأب الظالم ولم تتبرأ منه ...

- منحت وسام بطولة للإنسان الذي يقاوم غرائزه ويحافظ على إنسانيته ...

- منحت وسام بطولة للجنس اللطيف الذي أصبح ضحية الإجرام والإعتداءات المشينة ولم يأخذ موقفاً من الجنس الآخر ...

- وآخر وسام بطولة منحته لكبار القلوب ومحبي الخير وفاعليه.

في يوم المرأة العالمي.. لدي ما أقول

نجاة فخري مرسي

أصدرت هيئة الأمم المتحدة قرار "يوم المرأة العالمي لعام 1975، وحدّدت تاريخه في 8 آذار/مارس من كل عام. ومنذ ذلك التاريخ ونساء العالم يحتفلن بهذا الاعلان وهذا اليوم بفرح وتفاؤل، بإقامة الحفلات، والقاء الكلمات، وتسليط الأضواء على أمل أن يكون هذا القرار بادرة أمل، وإلفات نظر لنبذ التمييز ضد النساء، بل إعادة الحقوق التي طالبن باسترجاعها بأجيال طويلة من الجميع. ففتحت أبواب التمني، بمزيد من الثقة والتوقع بأن يصبح للمرأة حقوق، سياسية وثقافية واجتماعية ومدنية.
واليوم، ووسط الاحتفالات... وأمام الضجيج الإعلامي... لنا وقفة تأمل ولدينا ما نقول.
- أولاً، لا نستطيع أن ننكر، ما حققته المرأة بإرادة وإصرار بعض الرائدات في بلادنا والعالم... وأن المرأة في غفلة من الزمن المعاكس لنهضتها دخلت الجامعات، حتى في أشد المجتمعات تعصباً وتخلفاً، وانها بدأت بحمل المؤهلات العالية، وشغل الوظائف الهامة بقابلية عالية، وتفوّق ملحوظ.
فهل جاء هذا من تأثير قرار هيئة الأمم – غير الملزم -؟ أم جاء مع تقدّم العصر؟ أم جاء بسبب صحوة نسائية مدعومة بهذا وذاك؟
إن ما نوّد أن نقوله بهذه المناسبة هو أن النتائج لم تأت بحجم القرار، ولا بحجم الضجيج الإعلامي، أو التفاؤل النسائي، لأن الكثير من حقوق المرأة في عالمنا العربي، ما زال يتأرجح بين موافق ومعارض ومتزمّت.
وأن بعض الحقوق القانونية والمدنية ما زالت دون تعديل، أو إعادة نظر، بل وبحاجة الى وقفة جادّة لنشر مفهوم حقوق المرأة، جنباً الى جنب مع حقوق الانسان.
ولو عدنا الى قرارات هيئة الأمم المتحدة (United Nations) وقراراها المكوّن من ثمانية بنود، صدرت منذ أكثر من ثلث قرن، ولم ينفذ منها سوى بعضها، لأنها كانت قرارات نرجسية، غير ملزمة بالمعنى القضائي.
ويكفي أن نشير الى بعض البلاد الشرقية التي وافقت صورياً على بنود هيئة الأمم المتحدة الثمانية، ومع ذلك ما زالت لا تلتزم بها.
كذلك المرأة نفسها، في مثل هذه البلاد، ما زالت خاضعة خانعة، عاجزة حتى عن رفع صوتها لتأكيد حقها على ضوء هذه القرارات.
مع ذلك نجدها ناشطة في إقامة الحفلات في الثامن من آذار، وإلقاء الكلمات وتوزيع زهرات القرنفل.
إنها فعلاً أزمة ضمائر مترامية الأطراف متعددة الآثار والأضرار، ليس على المرأة في عصرنا – بعد ما سبقه من عصور – وإنما على الأجيال القادمة التي ستتوارث أفكار "التمييز ضد أمهاتها" من جيل الى جيل، والى ما لا نهاية.
وإلى أن يُنفذ قرارهيئة الأمم المتحدة ببنوده الثمانية وملحقاته بكاملها، عندئذ، سنحتفل مع المرأة... ونهنئ الأسرة والمجتمع، ودعاة حقوق الانسان والمنظمة العالمية، ونهنئ أنفسنا في يوم المرأة العالمي.

وكل عام والمرأة " ويوم المرأة" بخير

قصة عصفور

نجاة فخري مرسي

"لا يفهم الشحارير إلا الشحارير"

كان عصفوراً طليقاً ...
الدنيا ملكه
الفضاء ... والهواء ...
الجمال والأمل ...!
قرّر أن يبني له عشاً
ولكن العش بقي خالياً
تبخرت آماله
التي تصورها بزرقة السماء ...
وسعة الفضاء ...
ضمر العصفور
وتغير شكله
بهت ريشه ...
نسي التغريد
وملّ التحليق ...!
وفجأة سمع من وراء حدود منفاه ...
صوت شحرورة جميلة ...!
تسير مع فراخها
بلا رفيق ...
تبحث عن صديق
يغرّد بأسلوبها ...
أجابها ...!
رجّع الصدى صوته الملهوف ...
أجابته بلهفة مماثلة ...!
فامتزج الصوتان
وتألفت منهما
أنشودة أمل ...
وحب كبير ...!

جائزة شربل بعيني للأديبة نجاة فخري مرسي لعام 2009

ها هي أديبتنا الإغترابية الشهيرة نجاة فخري مرسي تنضم لعشرات الفائزات والفائزين بجائزة شربل بعيني التي وزّعها أول ما وزّعها مبدعها الدكتور عصام حداد في مدينة الأبجدية جبيل، على الناجحين من طلاب معهد أبجديته، منذ أكثر من عشرين سنة، إلى أن انتقلت إلى بلدان الاغتراب، ففاز بها من أميركا رئيس المجلس القاري للجامعة اللبنانية الدكتور جوزاف حايك، وسفير لبنان السابق الدكتور لطيف أبو الحسن، والعديد من الأطباء والأدباء والفنانين والصحفيين والمذيعات والمذيعين.. إلى أن استقرات بين أنامل سيدة الإغتراب والقلم الأديبة نجاة فخري مرسي لنشاطها الأدبي المميز. فألف مبروك لأديبتنا الخالدة وإلى اللقاء في العام 2010 مع مبدع آخر بإذن الله.

أنشودة الضياع

نجاة فخري مرسي

ما هذا الفراغ الذي يلفني؟!
والغربة التي تعصر فؤادي؟
والأمل الذي تاه
في زحمة الحياة ...
وعروق المحبة
التي تآكلت ...
على أعقاب قدري
وفي محراب غربتي
وفي مرآة شيخوختي
ادمدم
انشودة الضياع ...!
أشعر بأنني عصفور مهاجر
تاه عن سربه
وقطرة ماء
إتنطرت من زخة مطر
ووتر منفرد
في سيمفونية يتيمة ...!
أفتقد أملاً أحيا لأجله
أراني الدمعة الحائرة ...
والكلمة الثائرة ...!
أراني الجوهرة التي لا تباع ...
والقصيدة التي لا تذاع ...
وأراني أنشودة الضياع ...!

أيها الحبيب ... الحبيب

أنا لا أحبك لأحتويك ...
أنا لا أحبك لأنني انفّذ بحبك قدري
أخضع لأوامر عينيك ...
من حقى أن أخفيك في سويداء قلبي ...
وليس من حقي أن أدخل قلبك
بدون استئذان ...
من حقى أن أحتضن الفائض
من سحرك ...
وليس من حقى أن
أسألك المزيد ...
من حقى أن أحلم بنظراتك ...
ولكن، ليس من حقى
أن أحتكرها ...!
قل يا فؤادي
لمن هذه النبضات؟
لمن هذه الخفقات؟
أليست منك إلي ...؟!
ومني إليك ...؟!

شعور دخيل

نجاة فخري مرسي

كلما جلست لأكتب إليك رسالة
أشعر بأنني أكتبها تحت التهديد ...
فتتبخر الأفكار من رأسي
وتبقى الأشواق ... !
بانتظار مبرر
لهذا الشعور الدخيل ... !

قد لا يفهم الإنسان مشاعره أحياناً
ولا يعرف كيف يفلسفها ...
لا أظنني بحاجة لأن أشرح لك ... !

معزتك في قلبي ...
تمنحنى أحاسيس جديدة ...
تتكلم بلغة أحبها
ولكنني لا أفهمها ... !

هذا الإنسان!!

صدقهُ: مرآة للحقيقة ...
كذبُهُ: من طباع الثعالب ...
رضاهُ: من مدّ الأمواج ...
غضبُهُ: من أعاصيرها ... !
تراهُ في البيان أنشودة نادرة ...
في العطاء: مدرسة كاملة ...
في الجهل: أداة بلبلة وتخريب ...

ومع ذلك فهو إنسان ... !!

من ديوان القريب البعيد

من القلب للقلب

نجاة فخري مرسي

سألته: قل لي بربّك
هل رأيت أجمل مني؟
نعم ... رأيت ... !
إذن ما الذي شدّك إلي؟!
سحر روحك ...
وهل سحر روحي يلغي جمالي؟!
الجمال موجود في كل زمان
ومكان ...
والسحر والجمال توأمان
يجب ألا يفترقان ...
وأنت عندك من الإثنين
ما يكفي ويجعلني ذلك المتيّم
الذي يقدّم لك الحب
بلا حدود ... !
- وهل تغار ؟!
طبعاً ...
وأحياناً لا ألوم المحب الأناني
الذي يخفي حبيبه عن العيون ...
وهل تفكر أن تخفيني؟
أنا أكره الأنانية ...
يكفيني أن أخفيك في قلبي ...
وأترك في يدك مفتاحه ...
فإن سعدت بسكناه ...
فهذا هو الحب ... !
وإن مللت ...
فما فائدتي من تحويل قلبي
إلى سجن للعصافير ... !
- أنا قرّرت أن أسكن قلبك
وأرمي مفتاحه في البحر ...
• وأنا قرّرت
أن أقدّم قلبي هدية لساكنته ... !
- صِفني ...
• أنت حبيبتي
- حتى وصفك لي "بالقطّارة"
• هذه "القطّارة" هي السدّ المنيع ...
الذي يقف في وجه طوفان عواطفي
ويحافظ على مخزونها ... !
- أنا مصرّة ... أريدك أن تصفني!
بتبسّط ...
• أبدأ بشفتك السّلى ...
- وماذا عن شفتي السّلى؟
• تنزل الفارس عن جواده ... !
- هل إذا رآها؟
أم إذا لمسها؟
• إذا لمسها أقتله ...
وشدّها الى قلبه ...
وشدته الى قلبها ...
وغلبهما النعاس ... !
وكل منهما يحلم ... ؟!
بأن يُبقي الزمن سعادتهما ... ؟!
* * *

من ديوان القريب البعيد

عتاب

نجاة فخري مرسي

تقول لي:
أنت قاسية
أقول لك:
أن قسوتك هي السببُ ...
يُلوّح كلانا بالقسوة
على الرغم مما نُحسّهُ
من شوق وحنين ...
سامحك الله
يا أغلى الناس ...!

من وحي الإستجمام

عجباً لذلك الشاطئ الذهبي
توشوشك مياهُهُ ...
تشدّك آفاقه ...
تستفزّ أفكارك وكأنها تحدّثك عن
حكايات عشق أزلية ...
تذهب بك بعيداً
في رحلة بحث عن المجهول ...!

***
عجباً لتلك الأمواج
يتكسر غضبها على صخورك ورمالك
ثم تنحسر رقيقة على قدميك
لتعود مزمجرة من جديد ...
ما سرّها ...؟!
وماذا وراؤها ...؟!


من ديوان القريب البعيد

عندما أحببتُ

نجاة فخري مرسي

وجدتني ...
في صراع مع قلبي
الذي حسبته
شابَ وزهدَ وتباعدت نبضاته ...
في صراع مع أفكاري
التي حسبتها
عاجزة عن التحليق في عالم الخيال واللاموضوعية ...
في صراع مع واقعيتي
التي عهدتها لا تعترفُ
بشفافية الخيال ...
في صراع مع الحب
الذي اعتقدته نزوة سرّية
لغرائز الجسد الحياتية ...
وعندما أحببت ...
وجدت أن المحبة أجمل من زقزقة العصافير
وأعذبُ من أنسام الربيع ...
وأن القلب قد تحوّل إلى نبضات سحريّة
لا تهدأ ...
وأن الأفكار قد أصبحت ذات أجنحة محلقة
في عالم جديد ...
وأن الواقعية قد تبخّرت تحت ضغط
اللاواقعية ...
وجدت أن المحبة، هبة إلهية ...
تراويح صباح ...
أنشودة عُمر ...
ينابيع مشاعر فيروزية ...
أنفاسه، تبعثُ الحياة في الجسد المحتضر ...
قربُهُ الدفءُ في ليالي الشتاء ...
نفحاته ...
همساته ... الجوابُ الأخيرُ
للعلمانية
والواقعية
والأفلاطونية ...


من ديوان القريب البعيد

لسعة الألم

نجاة فخري مرسي

إنّ أجمل ما في الحياة يا حبيبي !
هو أنها حُلم ويقظة.
حُلم
عندما نريد أن نحلم
ويقظة
عندما توقظنا لسعة الألم ... !

***

أحلام الربيع
"من أمّ إلى إبنتها الحسناء"

يا حوريتي الحسناء !
يا أحلى من الشهد ... !
وأغلى من التبر ...
وأعزّ من الروح.
يا سعادتي النادرة !
يا من أعاد حُبُك إلى القلب نبضاته
وإلى الحياة رونقها ...
وإلى النفس ثقتها بخالقها ...
وإلى الأفكار قيمتها وحيويتها ...
لولا حُبُك لما تفتحت البراعم
ولا اخضرّت المروج،
ولا تجددت أزهار الأمل ...
وأحلام الربيع
أنت بديل الشباب ورونق الحياة ...
أنت اليد التي امتدت
لتوزّع النُور وتنشُر القناعة والرضا ...
والشمعة التي تضيء الظلام ...
دعيني أحدّثك يا غاليتي !
عن جُمود المشاعر ...
ثم عن السعادة التي تدفقت،
وعن مناهل الأمل وينابيع الغُبطة ...
دعيني أحدّثك
كيف أصبح للحياة معنى
وللأفكار مغزى
وللقلب هوية
وكيف أصبحت يا بنفسجتي
المعنى ... والمغزى ... والهوية ...


من ديوان القريب البعيد

القريب البعيد

نجاة فخري مرسي

أبداً أنت هنا
فوق متاهات حياتي
فوق إصراري على البعد ...
وفوق الذكريات ...!

في دمي ....
في عمق أعماقي ...
بأطياف سُباتي

وطني ...
يا أجمل الأوطان والبُلدان ...!
أنت ذاتي ...
يا سماء أسكرت بالعُطر ذاتي ...!

يا خيالي البكر ...!
يا واحة الأزهار! والأطيار!
يا حُلوُ النسمات!

يا ربيع النفس والوجدان!
يا شمسي!
ويا أحلى صفاتي!

سوف أشدو فيك ما أحيا
وأفديك بروحي ...
وعيوني ...
وحياتي ...


من ديوان القريب البعيد