هجرة أبناء الجنوب الى افريقيا

نجاة فخري مرسي
كنت وأنا صغيرة أسمع الناس في قريتي الجنوبية* يقولون:
- فلان هاجر من أيام الاستعمار العثماني ولم يرجع..
- فلان أرسل لأخوته "النيلون" الواحد بعد الآخر..
- فلان سافر الى السنغال وترك زوجته وأولاده الى أن يستقر ويرسل في طلبهم..
- فلان رجع ليتزوج من بنات بلده..
- فلان – الله يحميه – يبعث لأمه وأخواته "حوالة" كل شهر..
- فلان – الله لا يقطع له عاده – كل سنة بيصيّف في جبال لبنان..
- فلان بعت أولاده ليتعلموا لغتهم في مدارس بلاده..
- فلان، تبرّع بشق طريق للسيارات في ضيعته..
- فلان اشترى بنايات في بيروت..
- فلان تبرع بفتح مستوصف وناد إجتماعي في البلد..
- فلان أصبح قنصل لبنان الفخري في باريس..
- فلان إشترى الجبل الفلاني واستصلحه وأصبح بساتين..
- فلان أرسل الأموال لبناء مدرسة ثانوية لأولاد الضيعة..
- فلان ربنا فتحها عليه وصار مليونيراً..
- فلان فتح مصنعاً للألبسة في أبيدجان دخله السنوي بالملايين..
- وفلان مات بالغربة يا حرقة قلب أمه عليه.

والغريب أنني لم أسمعهم يوماً يقولون:
- فلان فشل ورجع.. أو فلان لم ينجح، مما ثبت في عقلي الصغير أن الهجرة تصنع المعجزات. ولم يحاول عقلي الصغير ولا حتى، بعد أن نضج واكتمل أن يناقش هذه الهجرة المكثفة من الجنوب، ولا أن يتعرف على أسبابها التي تدفع بالمرء بأن يترك بلده وأهله، وأحياناً زوجته وأولاده، ويسافر الى افريقيا حيث الشعوب الافريقية المختلفة، والطقس الحار والمناخ السياسي غير المستقر.

* (جنوب لبنان)