أحرقوكِ حيّة.. بعد أن باعوكِ

نجاة فخري مرسي

لأنكِ ريحانة الكون ...
لأنكِ أيقونة المجتمع ...
لأنكِ تجسيد للجمال ...
ولأنكِ ينبوع الحنان ...
ولأنكِ حمامة السّلام.
*
الريحانة قطفوها ...
الأيقونة باعوها ...
الجمال اشتروه ...
الينبوع لوّثوه ...
والسّلام أنهكوه.
*
لأنكِ فينيس ...
لأنكِ عشتروت ...
لأنكِ نفرتيتي ...
لأنكِ بلقيس ...
لأنكِ سميراميس ...
لأنكِ كليوبتره ...
لأنكِ زنوبيا ...
ولأنكِ عشتار.
*
الجمال عبدوه ...
الحكمة رفضوها ...
التاريخ زوّروه ...
والقرارات أنكروها.
لأنكِ هدى شعراوي ...
وابتهاج قدورة ...
وسيزا نيراوي.
أوقفوكِ على أبواب البرلمانات العربية ممنوعة من الدخول.
*
لأنكِ أم المسيح ...
ولأنكِ زوجة الرسول ...
لأنكِ أم المؤمنين ...
ولأنكِ رابعة العدوية ...
أوقفوكِ على أبواب المساجد والكنائس ممنوعة من الوعظ والإرشاد الديني،
واستأثروا بالشؤون الدينية نيابة عنكِ.
*
لأنكِ جان دارك فرنسا
لأنكِ جميلة أبو حيرد الجزائر ...
لأنكِ ليلى خالدي فلسطين ...
ولأنكِ سناء محيدلي لبنان الجنوبي ....
أبعدوكِ عن القيادات العسكرية،
وعن المحافل الدولية،
وعن المعاجم البطولية ...
وأحرقوكِ حيَّةً بعد أن باعوكِ.

عندما أَحْبَبْتُ


نجاة فخري مرسي

وَجَدْتُني
في صِراعٍ مَعْ قلبي الذي حَسِبْتُهُ
شابَ وزَهِدَ وتَباعَدَتْ نَبَضاتِهِ ...
في صراعٍ مع أفكاري
التي حَسَبتُها عاجزةً عَنِ التَّحْليقِ
في عالمِ الخيالِ والاَّموضوعية ...
في صراعٍ مع واقعيَّتي
التي عَهَدْتُها لا تَعتَرفُ
بشفافيَّةِ الخيال ...

في صراعٍ مَع الحُبِّ
الذي أَعتَقدتَهُ نزوةً سرِّيـَّـةً
لغرائِزِ الجسَدِ الحياتيَّة ...
وعندما أَحبَبتُ .
وجدتُ المحبَّةَ أَجملُ من زقزقةِ العصافيرِ
وأَعذبُ من إنسامِ الرَّبيعِ ...
وأَنَّ القلبَ قد تحوَّلَ إلى نبضاتٍ سحريَّةٍ لا تَهدأ ...
وأَنَّ الأفكارَ قد أَصبَحتْ ذات أَجنحةٍ
محلَّقَةٍ في عالمٍ جديدٍ .
وأَنَّ الواقعيَّةَ قد تبخَّرَتْ تحتَ ضغطِ
اللاَّواقعيَّة .
***
وجَدتُ المحبَّةَ، هِبَةً إلهيَّةْ ...
تراويحَ صباحْ ...
أُنشودَةَ عمرٍ ...
ينابيعَ مشاعرَ فيروزيَّةْ .
أَنفاسُهُ، قُربُهُ،
الدفءُ في ليالي الشِّتاءْ ...
نَفحاتُهُ ...
هَمساتُهُ ... الجوابُ الأخيرُ
للعلمانيَّةِ
والواقعيَّةِ
والأفلاطونيَّةْ ...

***

عصر الجواري


نجاة فخري مرسي
في عصور الجاهلية، كما هو معروف، كانت الأنثى، تُوأَدْ، أو تُجوّعْ حتى الموت وكانت النساء تُسبى في غزوات القبائل المتحاربة، كَمَغْنَمٍ مع القطيع والجمال. وكان للأب الحق أن يَحْرِمْ إبنته من الإرث، ومن الزواج بمن تشاء. وأن يرغمها على كل ما يشاء.
من تفاصيل هذه المتاجرة أن السماسرة وتجّار الرقيق كانوا يعدّون الفتيات بأفضل طريقة تدرّ عليهم أفضل الأسعار. ثمّ يبدأون بعرضهنّ بطريقة (على أنَّا على دوّا) بنفس الأساليب التي تُباع بها المواشي في الأسواق.
راجت هذه التجارة وازدهرت، وتحوّلت أعداد كبيرة وغفيرة من فتيات الأمّة إلى "جوارٍ" في قصور الخلفاء والحكام والوزراء، وأصبحت المرأة تُباع وتُشترى لمن يدفع أكثر، وكثيراً ما تتهاداهنّ القصور، كما تتهادى المجتمعات الحديثة اليوم الهدايا التذكارية، أو باقات الزهور أو بطاقات الأعياد والمناسبات.
"جارية الخليفة لها سعر ... وجارية الوزير لها سعر" ... والجميلة والأجمل والأقل جمالاً في سوق تجّار الرقيق. والوسطاء يلبّون طلبات القصور والحكّام, و "السلعة" ليس لها في مصيرها رأي، أو في ثمنها رأي، أو لمن تُباع، وفي أي "حريم" ستستقرّ، سوى أن يكون هذا "الحريم" سيرحمها ويحميها.
بقيت نساء الأمّة تُباع وتُشرى، وبقي حكامها وخُلفاؤُها يتمثلون بملوك إسرائيل، وأباطرة الرومان، إلى أن امتلأت القصور بالجواري والإماء والخصيان. وبقيت هذه الفوضى الجنسية العارمة عند الخلفاء وأطراف الحكم، تعيش جنباً إلى جنب مع الفوضى السياسية والأطماع الشخصية التي كثيراً ما أساءت إلى العهد، وما تلاه من عهود.
جعل هذا المرأة العربية في ذلك العهد تفقد احترامها لنفسها وبدأت كل جارية تتبارى مع غيرها من الجواري لكسب المعركة المصيرية إن في الغواية أو في الإغراء ... أو في التذاكي والدّهاء. فظهرت بينهنّ راقصات وناقرات على العود ومغنّيات ... وأحياناً شواعر غزل وتغزّل. ومنهنّ من تمكنت من المشاركة في تصريف أمور الخلافة أو الوزارة، ومنهنّ من خطّطت لتدمير مالكها. لمصلحة مالك آخر.
وتقول بعض المراجع التاريخية المتعلّقة بهذا الموضوع (1) أن الجارية "الخيزران" قد عملت على قتل "الهادي" وإيصال "الرشيد" إلى الخلافة.

الخلل الكبير.. بين الرجل والمرأة


نجاة فخري مرسي
- كثيراً ما يذهب الرجل من الأثرياء والوجهاء وأصحاب النفوذ في مجتمعاتنا العربية والإسلامية إلى أمريكا وأوروبا، ويصرف آلاف الدولارات على النساء، وعلى الطاولات الخضراء وعلى كل ما يُسعد غرائزه.
وعندما يعود وتطلب منه زوجته بعض حقوقها في تنشّق أنسام الحرية برفقته على الأقل، يدّعي التقوى، وحماية الإسلام والخوف من الله.
- وكثيراً ما يُوصي الأب في بعض الطوائف، بكامل ثروته لأولاده الذكور ويحرم بناته الأناث، ثمّ يدّعي الخوف على مُستقبلهنّ إذا تأخَّرنَ في الزواج، أو إذا تزوجت إحداهنَّ وترمّلت أو طُلِّقت.
- وكثيراً ما تُجَهَّل الأناث في عالمنا الثالث، ويُعطى العلم للذكور فقط ويتناسى عالمنا بأن كل فتاة ستصبح أمّاً، وأن الأم هي المدرسة الأولى لأولادها، وإن ما تُعلِّمه الأم من مبادئ أساسية لأصول السلوك والأخلاق، وتحمّل المسؤولية، لا تُعلِّمه المدارس ولا المعاهد ولا حتى الجامعات. (وفاقد الشئ لا يعطيه).
- والأكثر غرابة من هذا وذاك ظاهرة تعدد الزوجات، وظاهرة الإنجاب بلا ضوابط في البلاد والمجتمعات الفقيرة.
- أما في المجتمعات الأكثر وعياً، كالبلاد الصناعية، فالأمر فيها يختلف، فهي تُحدّد نسلها، وتوفِّر لأولادها العلم والحياة السعيدة، ولبلادها الرخاء والإزدهار.
وبذلك تمكّن الإنسان الغربي، الذي يَعتبر نفسه "العالم الأول" من صفاء، الفكر، ومن زَرْع سفنه في الفضاء ... ومن انتاج التكنولوجيا، عصب العصر فغزي بها العالم، وأصبحت من ضروريات الحياة في المصارف وفي الجامعات وفي كافة مناحي الحياة المنتجة للأموال الطائلة، والمفيدة للمرافق العامة. فمكّنه هذا أيضاً من القضاء على أكثر مظاهر البؤس الذي تعاني منه مجتمعاتنا التي أُدرجت على قائمة "العالم الثالث".
وإلى جانب ما كوّنته المجتمعات الواعية، من جمعيات حقوق الإنسان والرفق بالحيوان، ومحافظة جماعية على نظافة البيئة، فقد أكّدت وعيها في القوانين الإجتماعية التي تحفظ كرامة المواطن وتؤمِّن له الحدّ الأدنى من الضمان الإجتماعي الذي يساعده ويساعد المُسن، والمريض، والمُعاق، على الإستمرار بكرامة. ولكن، مع كل ما وصلت إليه هذه المجتمعات من تقدم فإنسانها لم يتمكن من إنصاف المرأة وإزالة بعض الرواسب الإجتماعية ضدّ المرأة منها الآتي:
1 - أن راتب المرأة أحياناً ما زال ثلاثة أرباع راتب الرجل.
2 - أنها ما زالت تنظر إلى حمل المرأة وولادتها على أنها أمور تخصّها هي ولا تخصّ المجتمع أو أصحاب العمل، أو الحكومات.
3- وأمور أخرى مثل التحرّش بجسدها في المكاتب والوظائف.

ثلاث قصائد اغترابية


القريب البعيد

أَبداً أَنتَ هُنا
فوقَ متاهاتِ حياتي
فوقَ إصراري على البُعْدِ ...
وفوقَ الذكرياتِ ...

في دمي ...
في عمقِ أَعماقي ...
بأَطيافِ سُباتي

وَطَني ...
يا أَجْمَلَ الأوطانِ والبُلْدانِ ...


أَنتَ ذاتي ...
يا سَماءٌ أَسْكَرَتْ بالعُطرِ ذاتي ...

يا خيالي البـِكْرِ ...
يا واحَةَ الأزهارِ ! والأطيارِ
يا حُلْوُ النَّسَماتِ

يا ربيعَ النَّفْسِ والوجدانِ
يا شمسي
ويا أَحلى صِفاتي

سَوفَ أَشْدو فيكَ ما أَحيا
وأَفديكَ بروحي ... وعيوني ... وحياتي .
***

لسعة الألم

إنَّ أَجْمَلَ ما في الحياةِ يا حبيبي
هو أَنَّها حُلمٌ ويَقْظَة.ٌ
حُلمٌ
عندما نُريدُ أَنْ نَحْلَمَ،
ويَقْظَةٌ
عندما تُوقِظُنا لَسْعَةُ الألَمِ ...!

***

أحلامُ الرَّبيع
"مِنْ أُمٍّ إلى إبنتِها الحسناء"


يا حُوريَّتي الحَسْناء
يا أَحْلى مِنَ الشَّهْدِ
وأَغْلى مِنَ التِّبْرِ ...
وأَعَزَّ مِنَ الرُّوحِ
يا سَعادتي النَّادِرة
يا مَنْ أَعادَ حُبُّكِ إلى القلبِ نبضاتِه
وإلى الحياةِ رونَقَها ...


وإلى النَّفسِ ثِقَتَها بخالِقِها ...
وإلى الأفكارِ قيمَتَها وحيَويَّتها .
لولا حُبُّكِ لَما تَفَتَّحَتِ البراعِمُ،
ولا اخضَرَّتِ المروجُ،
ولا تجَدْدَّت أزهارُ الأمَلِ ...
وأحلامُ الرَّبيع.
أَنتِ بديلُ الشَّبابِ ورونَقُ الحياةِ .
أَنتِ اليَدُ التي امتَدَّتْ
لتُوزِّعَ النُّورَ وتَنْشُرَ القناعَةَ والرِّضا،
والشَّمْعَةُ التي تَضيءُ الظَّلامَ .


دَعيني أُحَدِّثُكِ يا غاليتي
عن السَّعادَةِ التي تَدَفَّقَتْ،
وعَنْ مناهِلِ الأمَلِ وينابيعِ الغُبْطَةِ ...
دَعيني أُحَدِّثُكِ
كيفَ أَصْبَحَ للحياةِ معنىً
وللأفكارِ مغزىً
وللقلبِ هُويَّةً
وكيفَ أصْبَحْتِ يا بنفسَجَتي
المعنى ... والمغزى ... والهُويَّةْ .

***
نجاة فخري مرسي

السيرة الذاتية


نجاة فخري مرسي
- مولودة في الزرارية - قضاء صيدا – لبنان الجنوبي
- تخصص:
- صحافة ... تنمية إجتماعية ... وتجارة بالمراسلة.
- عملت دورة تدريبية على العمل الصحافي في مؤسسة"دار الهلال" بمصر.
- كتبت العديد من الأبحاث الأجتماعية وراسلت صحف عربية في لبنان والخارج.
- هاجرت مع زوجها الدكتور أنيس مرسي شعلان إلى أستراليا عام 1969
- عملت في أستراليا مع الصحافة العربية كمراسلة ومسؤولة برامج في جريدتي التلغراف والنهار.
- إجتماعياً:
- كانت من مؤسـسات جمعية "رابطة المرأة العربية" في ولاية فيكتوريا 1975
- 1986 أسـست أول فرع عالمي لجمعية "تضامن المرأة العربية" وانتخبت رئيسة لها.
- حازت على ميدالية ذهبية عام 1985 من جهة أسترالية رسمية.
- حازت على جائزة جبران الأدبية تقديراً على كتابها "المهاجرون العرب في أستراليا".
- حازت على جائزة تقديرية من القنصلية اللبنانية في ملبورن.
- حازت على منحة من المجلس الثقافي الأسترالي على كتابها "الطيور المهاجرة"
- عضوة في نقابة الصحفيين الأستراليين.
- عضوة في المجلس النسائي الوطني الأسترالي.
- عضوة في "رابطة إحياء التراث العربي" في استراليا.
- دُعيت للمشاركة في العديد من المؤتمرات النسائية في العالم العربي، والمؤتمرات
الحكومية في أستراليا
- زارت كل البلاد العربية وبعض البلاد الغربية.

ـ لها مؤلفات عديدة، منها:

شجرة عائلتي، المهاجرون العرب في أستراليا، القريب البعيد، عائلة إبليس، الطيور المهاجرة، نجاة في رحلة مع القلم، عباقرة من التاريخ، قبل الغروب، المهاجرون العرب في أستراليا، رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا وجائزتها الجبرانية ، المرأة في ذاكرة الزمن (كتابان).