لحظة اختيار


نجاة فخري مرسي

**

لحظة اختيار

يا رفيقي ...
لقد تعرَّفتُ على أُناسِكَ
ورأَيتُ بلادِكَ
فوجدتُ أُناسَكَ لُطفاءَ
وبلادكَ جميلةْ
ولكنَّهم ليسوا أُناسي ...
وليست بلادي ...
وأَنا فخورةٌ بأُناسي وأَهلي
ولن أُحاوِلَ أَن أُغيِّرَ موطني
أو أَصلي ...
أَنا واثقةٌ من أَنَّكَ
ستحزنُ على فراقي
وتذكُرُني ...
كما سأَتذكَّرُكَ
كلَّ يومٍ ؛ وكلَّ ساعةٍ ...
سأَتسرَّبُ إلى أَنفاسِكَ
لأَنني نسمةُ الحُبِّ
والحُبُّ لا يموتْ ...!
***

يد الزمان
تطاولت يدُ الزَّمانِ
فغيَّرَتْ لونَ شعري
وزهرةَ عمري
الشَّعرُ إبيضَّ لونُهُ ،
البشرةُ جفَّتْ وتجعَّدتْ ،
السَّمعُ خفَّ وبهُتَتْ فيه أصواتُ العصافيرِ،
العظامُ تآكلتْ ...
الذَّاكرةُ تعبتْ أشرطَتُها ...

والعيونُ خفَّ بريقها،
وأصبحتْ تبحثُ عن صفاءِ الرُّؤيا
بعد أَن كانت مرآةٌ للقلبِ،
وانعكاساتٌ
لجمالاتِ الوجودْ ...
***

على مسرحِ هذا الوجودُ المُرابي
الذي يُعطي الشَّبابَ والنَّضارةَ والحيويَّةَ
ثمَّ يعودُ ويستردُّ كلَّ ما أَعطى
مَعَ الفائدةِ الكُبرى...

وتستمرُّ المسرحيَّةُ
ولا يتغيَّر ُ سوى الأبطالْ.
وتتجدَّدُ الوجوهُ، ثمَّ تختفي
ليظهرَ غيرُها ...وغيرُها ... وغيرُها
ولكنَّ الحبالَ لا تنقطعْ
والمسرحيَّةَ لا تنتهي
والزَّمانَ هو المنتصرْ
والشَّيخوخةَ هي الحدُّ الفاصلُ
***