احدى مناهل البر في لبنان

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف

هكذا نشرت مجلة "العرفان" الصادرة في صيدا - لبنان أول مقال لها في العام 1960:
الانسة نجاة فخري مرسي
دبلوم في الصحافة

لم تتضارب الاراء يوما ولا اختلطت المقاييس او اختلف المسمّون يوما على كلمة "انسان" او "انسانية"، اذ انها مقرونة دائما اما بشهامة خيرة واما بعطف كريم واما ببذل او تجرد. وكل هذه اعمال انسانية يصح ان يقال عن صاحبها "رجل انسان" بلا قيد ولا شرط ولم يحدث ان سمي بخيل او اناني "إنسانا".
فالمعنى أن الكلمة واضحة وتعرف مكانها بوضوح الا ان ميادين الانسانية هي التي تختلف وان تشابهت أو كانت من معدن واحد – وهو الخير – لكن الخير ذو اشكال كثيرة.
ومن اغرب اشكاله حين يولد من الشر مثلا، او حين يصدر عن اساليب واعمال غير خيرة. ومن حسن حظه انه لا يتأثر بمصادره ويبقى خيرا.
واما الخير الاصيل ذو الفوائد المزدوجة والاثار البيضاء في المجتمعات السوداء المظلمة، فهو ذلك الخير الذي يصدر عن قلوب كبيرة ونفوس خيرة عامرة بالايمان منذورة لخدمته عاملة على ان تزكي وجوده وتعمل دائبة على انمائه. تتعهده كطفل رضيع ترجو له الكبر والترعرع والسلامة.
وهكذا ينظر المربي الكبير الحاج احمد رياض الجوهري الى ميتمه الذي انشأه في صيدا وافتتحه العام الماضي.
وليس عجيبا أن ينشأ ميتم ولا غريبا ان تبنى مؤسسة وقد بني وسيبنى مياتم ومدارس ومؤسسات خيرية ما دامت الدنيا باقية وحاجة البشرية تقتضي ذلك. ولكن الغرابة هنا في النفسية التي قام على اساسها هذا الميتم والامكانات التي بدأ بها والصبر الذي واكب سني نشأته ونموه.
ومن أجل ان نعطي القارئ الكريم صورة حية عن بدء رحلتها الادبية انتقينا مثلين اثنين من انتاجها الكثير اثناء تلك الفترة نثبت منها مقاطع علها تكون كافية لأن يتعرف القارئ الكريم على بدايات الرحلة الطويلة:
1- "الدرب الطويل" عنوان قصة قصيرة كتبتها عام 1975 وهي اولى محاولاتها لكتابة القصة القصيرة.
2- "احدى مناهل البر في لبنان" مقالة لها نشرت عام 1858 في مجلة العرفان الصادرة في صيدا تتحدث فيها عن احدى النشاطات الاجتماعية المبكرة في صيدا.

"الدرب الطويل"
... وتصورتها تختنق. تختنق بكبريائها لانها استطاعت ان تحول الدمع الى ابتسام. الى ضحك، الى قهقهات ذرية...
ما أعجب الانسان. ما أعجبه وهو يضحك من شدة الفرح ويضحك من شدة الحزن.
يتأوه من شدة السعادة ويتأوه من شدة الالم، أما أنا، أنا التي تستمع الى قصة وفاء وترى دموع وفاء فليت لي من صفاء النفس ما يشجعني على مواساتها لتخفيف حمّى ضحكها. ولكن بدلا من أن أخفف عنها شاركتها الضحك.
ضحكت من هذا القدر،
وضحكت على هذا القدر،
وصدق من قال: "وشر البلية مايُضحك".