الكتاب الرابع عشر للأديبة نجاة فخري مرسي: جهد كتابيٌ دؤوب وطموحات ثرة متألقة



خالد الحلِّي
ملبورن
في حفل توقيع الجزء الثاني من كتابها "المرأة في ذاكرة الزمن" عام 2004، قالت الأديبة والصحفية نجاة فخري مرسي، إنه قد يكون كتابها الأخير ، بناءً ما صورته لها نفسها عن أحكام الشيخوخة، ولكنها رأت فيما بعد أنها لا تستطيع أن تفي بهذا الوعد، بسبب ما رأته أمامها من مجوعة مقالات كتبتها ونشرتها على مدى ثلاث سنوات متتالية في مجلة "ليلى" الإلكترونية لصاحبها ورئيس تحريرها الشاعر شربل بعيني سدني-أستراليا، وهي مجلة لها قراء وكتاب في جميع أنحاء العالم.
هذا ما تخبرنا به هذه المبدعة الوفية للكتابة كفن ورسالة ووسيلة مثلى للتعبير، في تمهيدها لكتابها "كتابات على مرآة الزمن" الذي يعد الكتاب الرابع عشر لها. وقد أطل علينا هذا الكتاب بـ 316 صفحة من الحجم الكبير، وذلك بطباعة أنيقة وإخراج جميل. وقد ضم الكتاب مقالات تشير المؤلفة إلى أنها كانت تواكب فيها الأحداث السياسية والاجتماعية، وإلى أنها كانت تنشر بمعدل مقال كل أسبوع، وهي تنطوي على كتابات تعبر عما تجود به النفس وما يجود به الزمن من أحداث ومشاعر تستحق التسجيل على مراياه وانعكاساتها بحلوها ومرها.
وتوضح المؤلفة أن المقالات التي يضمها هذ الكتاب، هي مختارات مما نشرته في مجلة "ليلى" الإكترونية بين عامي 2006 و2008، ولكنها تعترف من جانب آخر بأن بعضها قد نُشِر من قبل، ولكنها ارتأت أعادة نشرها نظراً لأهميتها وفق ما أخبرها به أصدقاء كثيرون، أو لأنها أجرت بعض التعديلات عليها، وهكذا تكون تواريخ النشر خلال السنوات الثلاث المشار إليها، ترتبط بتاريخ نشرها في موقع مجلة "ليلى" فقط.
بعد تمهيد المؤلفة تطالعنا مقدمة للكتاب بخمس صفحات بقلم كاتب هذه السطور. وبالانتقال إلى محتويات الكتاب نجد أنه تضمن 114 مادة، تناولت الكثير من الهموم والتطلعات والمشاغل العربية، والعديد من المعالجات والتأملات في قضايا وظواهر عالمية، والمتنوع من طرح ومناقشة بعض قضايا وهموم وإشكاليت الجالية العربية في أستراليا. كما تضمن الكتاب مجموعة من القصائد والأشعار والتأملات التي تفيض بالرقة والجمال ورقة الاحساس.
وتضمن الكتاب قسماً خاصاً بعنوان "شخصيات نسائية"، تقديراً لعطاءات وتضحيات لنخبة من النساء اللواتي تركن بصماتهن واضحة في مسار حياتنا وتاريخنا كثيرة. وقد ارتأت المؤلفة أن تقدم في هذا الكتاب بعض النماذج التي ربما لاتعرف عنها ما يكفي الأجيال الجديدة، وهي أسماء جديرة بالعرفان والتقدير. وكانت المؤلفة قد تطرقت لهن في الجزء الثاني من كتابها"المرأة في ذاركرة الزمن"، ولكنها تطرقت إليهن في كتابها الجديد بتركيز ووفق صياغة أخرى.
وفي هذا الإطار حدثتنا بشكل مشوق وجميل عن نخبة رائعة من النساء العربيات تحت العناوين التالية : الدكتورة نور سلمان وعطاؤها الفكري والإبداعي – مي زيادة رائدة فذة خلدها التاريخ – أنس باز طبيبة رائدة بامتياز – سلمى الحفار الزبري ونتاجها الأدبي بالعربية والفرنسية – فاطمة اليوسف ومجلتها المصرية الرائدة "روز اليوسف" – سلوى نصار أول عالمة في مجال تخصصها – لبنانية حاكمة لولاية أسترالية – هيلين توماس لبنانية ترأس جمعية صحافيي البيت الأبيض في أمريكا – سيزانبراوي رائدة لا تنسى.
وعلى مدى أربع حلقات تحت عنوان "بيروت أيام زمان" تناولت عبر لقاء مع الإذاعية بديعة فتح جنبلاط بيروت الماضي والحاضر وتطلعات المستقبل. وبهذا الصدد تقول : " .. بينما كنت أبحث في أرشيفي المليء بالذكريات والأفكار السياسية للمقارنة بين حاضرنا وماضينا، وجدت فيما وجدت برنامج الصديقة والزميلة "أيام زمان" الذي يعود تاريخه إلى أواخرن القرن العشرين. وقد رأيت أن أشارك القاريء عبر حلقات في مقارنة بين بيروت اليوم و "بيروت أيام زمان"، عبر إضاءات سريعة عن الأحداث الكثيرة التي عانت منها على مدى تاريخها الطويل، الذي يصل وفق تقديرات الحفريات الجديدة إلى ستة آلاف سنة، وعن الغزاة وعن الحروب، والكوارث الطبيعية، وبالتالي عن ظلم أهلها لها بحروبهم البغيضة، التي شوهت جمالها ودمرت عمرانها ".
وجاءت ضمن محتويات الكتاب لقاءات صحفية وأدبية مهمة، حملت العناوين التالية:
· مع الدكتورطالب عمران : هاجس دائمٌ للمعرفة والوعي.
· مع الأديبة ناديا الجردي نويهض : نضال مستمر وإسهام فاعل للمرأة.
· الصحافية والروائية ليلى عسيران : مواقف رائعة و10 روايات.
· مع الدكتورة نوال السعداوي : في الإبداع والتمرد ..!
· مع الدكتورة سعاد المبارك الصباح : امرأة عربية تريد رد الاعتبار لعقل الأنثى.
· مع الأديبة أميلي نصر الله : تكتب للجميع وتعي هموم الاغتراب.
إن كتاب "كتابات على مرآة الزمن" للأديبة والصحفية نجاة فخري مرسي، هو أشبه بحديقة غناء تحفل بالجميل من الورود والثمار، وهو كتاب لا يمكن أن يفيه العرض حقه، فمعذرة، وتحية إلى هذه الأديبة والصحافية الرائدة في دنيا الاغتراب العربي في أستراليا، ولا بد لنا هنا من أن نشكر أيضاً زوجها الفاضل الأخ الدكتور النبيل أنيس مرسي على دعمه الكامل لها في مجال الكتابة، وندعو إلى الله أن يمنَّ عليهما بوافر الصحة والعافية ليواصلا عطاءهما الكتابي الثر المتدفق.