وجوه المرأة



نجاة فخري مرسي
وللمرأة وجوه ووجوه، هي أكثر من أن تُحدّد معالمها من امرأة إلى امرأة أخرى، ومن عالم إلى آخر. وأرى أن الكلام عن هذه الوجوه واختلافاتها، أمر شاق ومُتشعّب، قد يزيد عن قدرة هذه الصفحات على استيعابه، والأمثلة كثيرة:-
- في الهند مثلاً، كانت، وربما ما زالت تُحرق المرأة حيّة مع جثة زوجها المتوفَّى.
- في عصور الجاهلية عند العرب الرّحّل كان الآباء يدفنون الأنثى فور ولادتها ... أو يئدونها ... أو يعملون على تجويعها حتى الموت.
- في أوروبا في عصور الظلام، كانوا يلبسونها "حزام العفّة" عندما يغيب زوجها.
- في زمن الفراعنة كانت الأنثى تخضع لعملية "الختان" التي تهدف إلى حرمانها جزءً كبيراً من مشاعرها الجسدية التي منحها لها الله كباقي مخلوقاته. وما زالت بعض المجتمعات الأفريقية، وغيرها من المجتمعات المتخلّفة تمارس عملية ختان الفتيات، حتى يومنا هذا.
- كذلك في مصر، وإلى عهد غير بعيد، إعتادت مصر أن تُهدي النيل عندما يفيض كل عام فتاة شابة ليبتلعها اليم إسمها "عروس النيل"
- في غزوات القرصنة في انجلترا بالذات، كانت النساء من ضمن المغانم التي يتقاسمها القراصنة الغزاة.
- في الحروب الكونية، العالمية، أو الأقليمية في الشرق أو في الغرب، قديمها وحديثها كانت الجيوش العدوّة المحاربة والمُتحاربة، تعتدي على النساء كخطة دنيئة من مخطّطات إذلال العدو من الطرفين.
- وفي بعض البلاد – كانت المرأة تُغتصب جنسياً قبل تنفيذ حكم الإعدام.
أما وجه المرأة الحقيقي فهو ما زال غائباً ومُغيّباً، وصُور ضعفها تظهر وتختفي حسبما تسمح الظروف البيئية والمذهبية والسَّلفية.
وللخروج من هذا النّفق المظلم، الذي عاشت فيه المرأة في كل العصور، وأكثر المجتمعات، التي فرضت عليها الجهل بحرمانها من التعلّم لتكتمل حلقات استعبادها والوصاية عليها وعلى حقوقها وأموالها، وفُرض عليها أن تحمل أسماء الذكور ولا اسم لها: تحمل اسم والدها، واسم زوجها، واسم ابنها البكر أو حتى الطفل ولا اسم لها.
ومن الوجوه العجيبة التي رسموها باتقان وألبسوا تداعياتها للمرأة في بعض الكتب الدينية (1) في اسطورة "تفاحة حواء" وما أفرزته من أحكام الخطيئة الأبدية، والعقوبات الأزلية فتوارثتها الأجيال والمجتمعات البشرية المتحجّرة، ولم يجرؤ إنسان الأمس ولا إنسان اليوم على مناقشتها أو التحرر من تأثيرها – حتى الضحية نفسها، قد صدّقتها ورددتها.
وبذلك تكون المرأة قد سُجنت بأقفاص من الخوف والجهل والضعف (وغسيل الدماغ) وأصبحت كالعصفور الجميل، وهو يرى أمامه الأشجار والحدائق والآفاق الواسعة، يتمتّع بها غيره، وهو محروم من حقّه بها ولا يعلم، لماذا تمّ سجنُه!
والغريب أن العلماء والفلاسفة، وحتى العباقرة في القرون الغابرة كانوا يتوارثون سياسة العداء للمرأة، ثم يورثونها لمن بعدهم، ومن بعدهم يورثونها لمن بعدهم، وهلم جرا على مبدأ "وتمثّلوا إن لم تكونوا مثلهم، إن التمثُّل بالكبار فلاح".
**
(1) في "العهد القديم" والتعاليم الإسرائيلية