الاتحاد الفيدرالي للمجالس الاسلامية في استراليا

نجاة فخري مرسي
بدأ التحرك الاسلامي في استراليا عام 1964، يوم بدأت مجموعة من المهتمين العمل على تحقيق فكرة توحيد الجمعيات الاسلامية الموجودة وكان عددها 4 جمعيات موزعة في 4 عواصم رئيسية هي: سيدني، عاصمة نيو ساوث ويلز، وملبورن، عاصمة فيكتوريا، وادلايد عاصمة جنوب استراليا، وبرزبن، عاصمة كوينزلاند.
بدأت فكرة توحيد الجمعيات في مدينة ملبورن، لأن عدد المسلمين المبعثرين في القارة الاسترالية، كان يتركز في مدينتي سيدني وملبورن، أكبر عواصم استراليا السبعة.
ونظراً لهذه الظروف فقد عُقد أول اجتماع لمندوبي الجمعيات الاسلامية عام 1964، في قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة ملبورن، برئاسة الدكتور عبد الخالق قاضي.
وكان الدكتور قاضي هو الذي اقترح هذا الاجتماع وعمل على تحقيقه.وبعد يومين من الاجتماعات تم تكوين ما سمي بالاتحاد الفيدرالي للجمعيات الاسلامية، وتمّ انتخاب الدكتور قاضي رئيساً له (والدكتور قاضي دكتور فلسفة في الشريعة الاسلامية من جامعة الأزهر، وأستاذ مساعد في جامعة ملبورن، ورئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في الجامعة).
وانتخب الشيخ فهمي الامام سكرتيراً (وهو حالياً إمام متفرغ في مسجد عمر بن الخطاب).وعندما عين الدكتور ناصح ميرزا محاضراً في قسم دراسات الشرق الأوسط، وبدأ نشاطه العربي والاسلامي، تمّ تعيينه نائب رئيس الاتحاد، والمتحدث باسمه لأعوام طويلة. (والدكتور ميرزا خريج جامعات انكلترا، ودكتور في فلسفة التاريخ الاسلامي).
وقد ساعد وجود الدكتور قاضي والدكتور ميرزا، في الهيئة الاكاديمية في جامعة ملبورن في تعريف الاتحاد بالاوساط العلمية في العالم العربي والاسلامي، وفي المقابل تعريف الهيئة الاكاديمية بالاتحاد.وفي العشرين سنة الأخيرة، زاد عدد المسلمين في استراليا من 15 ألفاً في عام 1967، إلى مئتي ألف مسلم وكانت نسبة العرب بينهم تقدّر بحوالي 40% من البلدان العربية التالية: مصر، سوريا، لبنان، فلسطين. ويمثل الاتراك، والاتراك القبارصة 40% وباقي المسلمين كانوا من بقية البلاد في العالم مثل: البانيا، يوغوسلافيا، باكستان، الهند، فيجي، جنوب افريقيا، ماليزيا واندونيسيا.
كذلك زاد عدد المؤسسات والجمعيات الاسلامية، لخدمة هذا العدد المتزايد من المسلمين، مما أدّى الى الاتفاق على انشاء مجالس اسلامية في كل ولاية لتنسيق العمل بين الجمعيات في الولايات، ثم توحيد هذه المجالس تحت إسم "اتحاد المجالس الاسلامية في استراليا".
نظرة الى الماضي:كان عدد المساجد في استراليا منذ 20 عاماً لا يزيد عن أربعة مساجد، ثلاثة منها بناها مسلمون من افغانستان والهند جاؤوا الى استراليا لقيادة الجمال، وكانوا أول من أدخل الاسلام الى استراليا، وأما المسجد الرابع فقد بناه المسلمون الالبان في مدينة ادلايد.
وأما اليوم، فيوجد 50 مسجداً من بينها بعض المنازل التي تستعمل كجوامع للعبادة وقد تلقت هذه المؤسسات الدعم والمساعدات المالية من بعض الحكومات والشخصيات الاسلامية العربية.
وفي مقدمتها حكومة المملكة العربية السعودية التي انفقت ملايين الدولارات على بناء المساجد والمدارس في جميع أنحاء استراليا، كما ساعدت امارات الخليج، وليبيا، والعراق من وقت لآخر.
ويرسل جامع الأزهر في مصر الشيوخ وقارئي القرآن في شهر رمضان، كذلك ترسل باكستان شيوخاً لقراءة التراويح في رمضان.
واتحاد المجالس الاسلامية في استراليا على صلة بالمجالس الاسلامية في العالم الاسلامي والجامعات الاسلامية في العالم العربي مثل: الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة، وجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض.
وهناك أيضاً صلة تعاون مع مشيخة الأزهر، والمجلس الاعلى للشؤون الاسلامية في السعودية وباقي دول الخليج: قطر، الكويت، ودبي.
وللإتحاد علاقة مع سكرتارية الإمارات الاسلامية، وصندوق التضامن الاسلامي، ورابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة.
الاتحاد إدارياً:يتكون اتحاد المجالس الاسلامية من مجالس تمثل ولايات استراليا السبع، والمقاطعات والجزر المجاورة، ومجلس عن الطلبة المسلمين.
ومعظم المجالس تتكون من جمعيات محلية ويجتمع رؤساء هذه المجالس في اجتماعات دورية برئاسة رئيس الاتحاد.
ويُنتخب الرئيس، وباقي اللجان التنفيذية مرة كل عامين، وهو المسؤول أمام رؤساء المجالس وأمام مندوبي الجمعيات في الاجتماع السنوي العام. وترفع القرارات الهامة والرئيسية الى اللجنة التنفيذية.
والمراكز الاسلامية:كذلك يجب أن لا ننسى ونحن نتحدث عن المجالس الاسلامية والمساجد والجمعيات "المراكز الاجتماعية" وهي أماكن للتجمع والصلاة للمسلمين – يوجد منها أكثر من أربعين مركزاً، موزعة في ولايات نيو ساوث ويلز، وفيكتوريا، وكوينزلاند، وجنوب استراليا، وغرب استراليا، وتسمانيا، والأراضي الشمالية، وفي الجزر المجاورة.
وكل من هذه المراكز يقوم بواجبه في خدمة القضايا الدينية في استراليا.
بقي المركز الرئيسي لاتحاد الجمعيات الاسلامية في مدينة ملبورن، منذ تأسيسه عام 1964، إلى أن انتقلت الادارة الى سيدني عام 1975.يوجد حالياً في ملبورن 13 مسجداً خمسة منها للأتراك عموماً، ومسجد للقبارصة الاتراك، وثلاثة لليوغسلاف، ومسجدان للألبان، وأكبرها مسجد عمر بن الخطاب، المسجد العربي الوحيد.
وتوجد أيضاً بعض دور للعبادة منها عربياً: البيت الخيري الاسلامي العلوي، والبيت الدرزي.وقد أخذ الاتحاد يهتم بنشر الدعوة الاسلامية في جميع انحاء القارة الاسترالية، وبناء المدارس، هذا الى جانب اهتمامات أخرى منها:مشروع دفن المسلمين على الطريقة الاسلامية.. الذبح الحلال.. والمطالبة بالحصول على اجازات للموظفين المسلمين في المناسبات والأعياد الدينية.
ونرجو أن يصبح الاتحاد بمثابة تجمع فعلي للمسلمين بكافة انتماءاتهم ويكون هو بذاته، منطلقاً لتوحيد الجالية الاسلامية في استراليا، فتصبح هذه الجالية حقيقة شخصية اعتبارية واحدة لها قيادتها الواحدة التي تتفرع عنها كافة المكاتب المتخصصة والتي تخدم الجالية ككل، في كل ميدان وعلى كل صعيد، ويقيم هذا التنظيم الكبير، حلقة اتصال، بين الجالية الاسلامية الموحدة، والحكومات المحلية والفيدرالية في استراليا.
وبذلك تستطيع الجاليات الاسلامية أن تلعب دوراً بارزاً أو متميزاً في هذه البلاد. وبإمكانها أن توحد الرؤى المختلفة، من مشكلات العالم الاسلامي وقضاياه المصيرية، وعندئذ تتمكن من أن تسهم إسهاماً فعالاً في إقناع الحكومة الاسترالية والشعب الاسترالي، بوجهة النظر الاسلامية .. بعد أن تمكن أعداء أمتنا التاريخيين من كسب الرأي العام الاسترالي على حساب سمعتها، وأهمية الاتحاد في أنه حضور عربي اسلامي يغطي استراليا جغرافياً ومهنياً، وبإمكانه أن يعيد الى المسجد طابعه التثقيفي ودوره الحضاري في استراليا وغيرها من بلاد الاغتراب في المعمورة.
"نشر هذا البحث في مجلة الوطن العربي في باريس"