حول نشأة الأدب المهجري في استراليا

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف
صحافة مهجرية... أدب مهجري... رابطة احياء التراث العربي في المهجر... جائزة جبران الادبية... مؤلفات تنشر وتوقع... دواوين تطبع... صحافة تكتب... حفلات تقام... كلمات تلقى... جماهير تصفق... رعاية دبلوماسية ودينية... دعوة ادباء وشعراء من الاوطان الام... استحسان وتشجيع... نقد وتقريع... ضجيج فكري، ورياضة قلمية.
كل هذه في كلمات وعبارات ترددها الشفاه في سدني كل يوم، الى أن بدأت تأخذ طريقها الى الافكار والى العقول لتعشش وتفقس وتنتج.
أدب مهجري في استراليا؟ علامات استفهام كبيرة، متى نشأ، وكيف، ومن أين بدأ؟
كل هذه اسئلة تبحث لنفسها عن أجوبة. والصورة تكبر وتزيد وضوحا، والاسم يقترب من المسمى شيئا فشيئا. ورابطة احياء التراث العربي تفرض اسمها ووجودها على الساحة الادبية المهجرية، كذلك جائزة جبران الادبية، بدأت تعبر البحار والمحيطات وتحط بثقة على صدور نخبة مختارة من ادبائنا وشعرائنا في الوطن الام، وفي المغتربات العربية الاخرى، اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الادباء مدحت عكاشة، نعمان حرب، ومحمد زهير الباشا، من سوريا. الاديبة املي نصر الله، الاديب توفيق عواد، والشاعر الدكتور عصام حداد، من لبنان... الشاعر عبد الوهاب البياتي، من العراق... الشاعر محمد الشرفي، من اليمن... الدكتورة نوال السعداوي، من مصر... والعالم روكس العزيزي من الاردن.
قلت في كلمتي، بمناسبة منحي جائزة جبران الادبية على كتابي "المهاجرون العرب في استراليا" منذ عامين ما معناه: "ان تحرير الكلمة والارتقاء بالمادة الفكرية يرفعان من مستوى الكاتب والقارئ معا، ويساعدان على نشر المعرفة في عالم الانسان. وهذا ما قامت به "رابطة احياء التراث العربي" في المهجر الاسترالي حيث احتضنت الانتاج الفكري، ووفرت له المناسبات، وسلطت عليه الاضواء، بالتعاون مع الصحافة العربية.
ولا اغالي اذا قلت انه عندما تكونت هذه الرابطة، كان الانتاج الفكري، يتسكع على صفحات الصحف المهجرية بلا هوية، في بيئة غريبة يحتاج فيها الى الحركة وجذب الاهتمام.
وفي زيارتنا الاخيرة (زوجي وانا) لمدينة سدني سعدنا وتشرفنا بحضور ثلاث مناسبات ادبية في اسبوع واحد، كان اخرها الحفل السنوي لتوزيع جائزة جبران الادبية – العالمية على ثلاثة من عمالقة الادب في الوطن الام من وزن الشيخ عبد الله العلايلي... البرفسور نديم نعيمة. والدكتور عبد اللطيف اليونس.
ومن المهجر الاسترالي، الارشمندريت فكتور حداد... الدكتور ميشيل سليمان... الاستاذ عصمت الايوبي، والدكتور جيم ماكاي الاسترالي.
شعرت وانا في وسط هذه الاعراس الادبية انني امام نقطة تحول كبيرة، وامام تحرك حضاري جديد في محيط جاليتنا التي كادت تنحصر اهتمامات، نسبة كبيرة من ابنائها في حفلات الطرب والاعراس والمواسم السياسية والخطابية.
اذن لابد وان يكون وراء هذا التحول، وهذا الاقبال على المناسبات الادبية والفكرية هذه، دوافع وحوافز جديدة، احيت في نفوس اناس في المهجر ما استنام من عراقة تفكيرهم، وعادت بهم من جديد الى دائرة تراثهم العربي العظيم.
خطرت لي فجأة، فكرة عمل هذا التحقيق الصحفي حول نشأة الادب المهجري في استراليا، ولم افوت فرصة وجود البرفسور نديم نعيمة، في حفل تقليده جائزة جبران العالمية، الذي اقامته على شرفه ادارة مطعم "بلاك ماركت" لصاحبته الانسة سونيا جوري. ذهبت الى البرفسور وفي يدي ورقة صغيرة عثرت عليها في محفظتي، تدل على ان الفكرة كانت ابنة اللحظة.
سألته عن رأيه في الحركة الادبية في استراليا كما رآها اثناء زيارته وهل نستطيع ان نعتبرها ادبا مهجريا؟ معتبرة ان اجابة البرفسور نعيمة (ابن شقيق الفيلسوف اللبناني الكبير الاستاذ ميخائيل نعيمة) ستكون بمثابة الحجة والشهادة التي سنعتز بها.
والشخصية الثانية التي قابلتها في نفس الحفل كان الدكتور احمد شبول الذي نحترم اراءه السياسية ونريد ان نتعرف على ارائه الادبية.
ولكي تكتمل ثلاثية الاراء الاكاديمية اتصلت بالدكتورة سمر العطار في منزلها تلفونيا. ثم اتجهت بعدها نحو المعين (بفتح الميم) الادبي والفكري من ادباء وشعرا، وكان الهاتف كريما اذ ساعدني على اختصار الوقت. وكنت اتمنى لو اتسع الوقت واتسعت الصفحات للاسترشاد بجميع الاراء في سدني وفي ملبورن.
واما فرسان الصحافة العربية المهجرية، فلهم في ذمتي جولة خاصة تليق بفروسيتهم وفضلهم على الاقلام المغتربة.
ومع بداية العام الجديد، اتمنى للجميع سنة جديدة مباركة، ولاوطاننا الحبيبة الحرية والامن والسلام.