ليلى عسيران صحافية، وروائية صدرت لها ثلاث روايات عن الفداء

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف
لقاءات نسائية في لبنان

كانت اول امرأة تقيم بين الفدائيين في قواعدهم العسكرية.
ونتيجة لهذه التجربة صدرت لها روايتان: "عصافير الفجر" و"خط الافعى"...
عاشت في منطقة جسر الباشا المحاصر اثناء الحرب الاهلية (1975 – 76) وكتبت عن هذه التجربة رواية "قلعة الاسطى"...
ترددت على قرى الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني المحتل حيث صورت الصمود والنضال في وجه الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية المتكررة في روايتها "جسر البحر"...
منحت عام 1997 وسام الاستحقاق اللبناني من رتبة فارس تقديرا لاعمالها الروائية...
من اقوالها في حديث لها مع مجلة "الاداب":
- "كان في حياتي صراع دائم بين الطوق الادبي وارتباطي بالحدث القومي، وان قصتي "المدينة الفارغة" تعبر عن احباط...
- تصوروا انني وصفت بيروت المتألقة بالمرأة الجميلة التي لا عقل لها ولا ذكاء، وبعملي هذا اقترفت جريمة بحق بيروت...
- كانت كتبي ممنوعة من دخول الاردن، ومنحت تأشيرة باذن خاص لاكتب عن الحرب... كتبت عن شهداء فلسطين الاحياء...
- من الصعب أن تنسى امرأة وجوه جرحى النابالم...
- ساعات طويلة امضيتها تحت الشمس أشاهد نزيف النزوح، وهذه المشاهد محفورة في نفسي.
عن مجلة "الآداب"
* * * *
وبعد أن قرأت بعض ما قالته أديبتنا، وبعد ان تشبعت بقراءة بعض رواياتها التي تفوح منها روائح القومية، والاسلوب الفلسفي والشفافية النسائية والانسانية، الى جانب مواقفها السياسية الرائعة، سعيت الى لقائها في منزلها العريق في بيروت، حيث كان لي معها هذا الحديث المتواضع، قياسا بآفاقها الادبية والفلسفية.
وإن كنت التقي معها عند الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني المحتل حيث الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية المتكررة، وحيث الصمود والنضال كما صورتهما في روايتها "جسر البحر" ولكنني سأبقى بانتظار ان يرفرف علم لبنان فوق هذا الجزء العزيز المحتل، وان يسجل التاريخ العربي ما كتبته الاديبة ليلى عسيران الحافظ عن ذلك الصمود الاسطورة.
اللقاء:
س: هلاّ تفضلت بتعريف القارئ على الاديبة ليلى عسيران؟
ج: المؤلف لا يعرّف على نفسه، بل على السائل المستمع ان يستنتج الحقائق
من خلال الحوار.
س: كيف استطاعت الصحافية والاديبة الاستاذة ليلى عسيران/ وقرينة دولة
الرئيس السابق امين الحافظ، من الجمع بين الصحافة ومتاعبها والتأليف ومتابعته، وسط اجواء سياسة دولة الرئيس ومطالبها؟
ج: لقد دخلت عالم الصحافة من باب تجربة الحياة، وتخصّصت في التحقيق
السياسي والفلسفة في الجامعة الاميركية في بيروت، ثم كتبت عددا لابأس به من القصص القصيرة كتجارب ادبية اولية. لقد استفدت كثيرا من اجواء السياسة، التي انغمر في غمارها امين الحافظ، وذلك قطعا اخذ يضيف الى تجربتي مع الناس في كل مستوياتهم، وكذلك اخذ وقتا من تفرّغي الكامل لبيتي ومطالعاتي وتجاربي في ممارسة الادب والنشاطات الفنية.
س: هل تطالب الاديبة ليلى عسيران بتحرير المرأة، أم أنها تفضل أن تطالب بحقوق المرأة، أم بالاثنين معا، أم أن لها نظرة خاصة في شأن المرأة اللبنانية، ودورها في المستقبل؟
انا أؤمن أن تحرير المرأة يبدأ من العقل والفكر والوجدان، وينتهي بالاكتفاء المادي لها. الا أن المجتمع اللبناني لم يزل لا يعطي المرأة كل حقوقها، مثله مثل العالم أجمع، إذ أني أقرأ عن العنف المستعمل ضد المرأة في اميركا وفي اوروبا. لكن في كل الاحوال لا أؤمن ولا أقرّ الا أن تكون المرأة انسانة لها كرامتها وليست منصاعة ومقهورة ومنساقة الى ظروف الحياة القاسية، سواء أكانت تلك الظروف مادية، أو نفسية. المرأة انسان كما الرجل انسان.
س: ما رأيك بالمرأة اللبنانية، ودرجة نشاطها في تأكيد دورها الفاعل في مجتمعها، ام انها لازالت في أول الطريق؟ ولماذا برأيك تتهرب الحكومات السابقة والحاضرة من التسليم لها بالمزيد من حقوقها المدنية والسياسية؟
ج: ارى أن المرأة اللبنانية ذات حيوية قصوى، ولقد كانت خلال الاحداث التي امتدت سبعة عشر عاما "البطلة" الاولى، حيث تصدّت لكل أنواع المخاطر. والمرأة اللبنانية فاعلة في جميع قطاعات العمل، وانواع الانتاج، والفنون، والتجارة، والهندسة، والاعلام، والتعليم والابحاث الخ..
إن المرأة كما الرجل بحاجة الى ممارسة عملية على الارض قبل ان تلج باب السياسة، وهذه مهمة تتطلب سنوات وسنوات من الخبرة، وكيفية التعامل مع الناس، وتلبية حاجاتهم، والالمام بالقوانين الدستورية والوزارية.
انا لا اعتقد ان الحكومات "تتهرب" ولكن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، ومن يتابع نشاط المرأة اللبنانية، يجد أنها تقدّمت كثيرا، وهي مازالت تناضل لكي تحصل على ما تستحقه من حقوق، وواجبات – اللهم اذا كانت من النوع الذي يستحق فعلا.
س: هل أنت راضية عن المجلات النسائية في لبنان، وهل هي في نظرك ما زالت تحمل الطابع اللبناني، أم انها تحوّلت نحو الطابع الغربي؟
ج: موضوع المجلات شائك ومعقد، يخضع الى امكانيات مادية والاعتماد على الاعلان، ونوعية القراء وما يهمهم. وما هو الخيط الواضح الذي يوضح ما هو غربي ام لبناني؟ ان قيمة لبنان الحضارية هي هذا التمازج الفريد بين حضارات متعددة الاصول والاتجاهات. والغرب الذي يؤمن بحريات لم تكن مباحة في اول هذا القرن بلبنان، لديه ايضا من الاصدارات المحافظة، ولكن ضمن مفاهيم هذا العصر.
لبنان منفتح، يعشق الحرية، والجمهور القارئ، او المشاهد للاعلام المرئي، لا سيما بعد وجود "الفضائيات" يستطيع ان يختار ما يناسب ذوقه.
س: اخيرا اشكر تفضلك بلقائي، وتزويدي بما سمعته منك من اراء قيمة، هل من رسالة تودين ارسالها الى اختك اللبنانية المهاجرة في استراليا؟
ج: اتمنى ان تنقل اختي اللبنانية المهاجرة في استراليا صورة مميزة عن لبنان، وان تستفيد من تنوع الاختلاط بين المهاجرين الاخرين، وتقوم بنشاطات فنية وثقافية، فليس مثل الثقافة ما يوحّد بين البشر.
وأقصى ما أتمناه لها ان لا تنسى وطنها الام، وان يتسنى لوطنها الام أن يعطيها نفس فرص الحياة للعودة الى لبنان، فلبنان يعتزّ ويعزّ كل ابنائه وبناته في المهجر.
وسأختم اللقاء بذكر أسماء روايات السيدة عسيران الحافظ العشر وهي:
لن نموت غدا 1962، المدينة الفارغة 1964، الحوار الاخرس 1964، عصافير الفجر 1966، خط الافعى 1972، قلعة الاسطى 1979، جسر الحجر 1986، الاستراحة 1989، شرائط ملوّنة 1994، طائر القمر.