نشاطات السيدة نازك رفيق الحريري الانسانية والتربوية والثقافية

نجاة فخري مرسي
من الأرشيف
شخصية نسائية من لبنان

تعتبر حالات الاعاقة الجسدية والتخلف العقلي، الى جانب رعاية الأيتام والمسنّين، من أهم القضايا الانسانية التي يتوجب على القادرين من دول وحكومات ومؤسسات وأفراد كافة الاهتمام بها، وإيجاد الرعاية والأمكنة الكفيلة بمعالجتهم وايوائهم. من هنا كان اهتمام السيدة نازك رفيق الحريري يتركز أساساً على رعاية واحتضان هذه الحالات الانسانية، وأنشأت لهذه الغاية مؤسسات تعنى بالمعاقين والمتخلفين عقلياً والأيتام في لبنان والعالم العربي، الى جانب اشرافها الدائم على مؤسسات الحريري التربوية والصحية. ويأتي في مقدمات هذه المؤسسات مركز نازك الحريري للتربية الخاصة الذي انشئ في عمان لتقديم الخدمات الشاملة والمتكاملة للمعوقين عقليا، من حيث إعداد برامج التدريب والتعليم والتأهيل المهني والاجتماعي، ومن حيث توفير الخدمات التدريبية والتوعية لأهالي المعوقين الذين لم تتح الظروف لأطفالهم للإلتحاق بمراكز او مؤسسات للتربية الخاصة. وكذلك توفير التدريب للعاملين مع المعوقين سواء كانوا من الاردن او من الاقطار العربية الشقيقة من خلال عقد الدورات المتخصصة في هذا المجال.
والى جانب اهتمام السيدة نازك الحريري بالحالات الانسانية عبر مؤسساتها الاجتماعية، فهي تقود حاليا واحدة من اهم المؤسسات التربوية في العالم: "مؤسسة الحريري" التي انشئت في العام 1979 في مدينة صيدا لتتوسع لاحقا في العام 1983 وتشمل بيروت والمناطق اللبنانية كافة، لتؤدي رسالة ثقافية وتربوية شاملة افتقر اليها لبنان منذ مطلع الاستقلال، على قاعدة انها مؤسسة ثقافية علمية تمنح قروضا مالية للطلاب الراغبين في تكملة دراساتهم الجامعية والذين تحول ظروفهم المادية دون تمكنهم من ذلك، وتسعى لنشر العلم والمعرفة في اوساط المجتمع اللبناني بمختلف فئاته وطوائفه.
أما في مجال الخدمات الطبية والاجتماعية، فقد ساهمت السيدة نازك الحريري بدعم المستشفيات عن طريق تقديم اموال نقدية وأجهزة طبية، وبتقديم مساعدات لمرضى الحالات الصعبة من عمليات القلب المفتوح وزرع الكلى وزرع القرنيات.. الخ.
كما قدمت السيدة نازك الحريري مساعدات الى مئات العائلات الفقيرة التي يعاني احد افرادها من مرض مزمن.
واضافة الى المساعدات الفردية، فقد كان للسيدة الحريري اهتماما خاصا برعاية مراكز المسنين والأيتام والمؤسسات الاجتماعية من معاقين ومتخلفين عقليا عن طريق تقديم المساعدات المادية والعينية، الى القيام بزيارات تفقدية دائمة لها.
وكان للسيدة الحريري لفتة كريمة تجاه المعوقين في لبنان بتبرعها بمبلغ تسعة ملايين دولار ونصف لاقامة مجمع مساحته 30 الف متر مربع في جنوبي بيروت وتجهيزه ليخدم حوالي الالف معاق من مختلف الحالات بدءا من التخلف العقلي والاعاقة الجسدية، والصمّ والبكم والمكفوفين، الى رعاية الأيتام.
وعهدت السيدة الحريري لمؤسسات الرعاية الاجتماعية وهي من كبريات المؤسسات في لبنان، ادارة وتشغيل هذا المجمع، نظرا لما تتمتع به هذه المؤسسات من خبرة طويلة فاقت الخمسة وسبعين عاما في مجال الخدمات الانسانية.
وإدراكا لأهمية المراحل التعليمية من ابتدائية ومتوسطة وثانوية في تنمية وتأسيس الطلبة واعدادهم اعدادا صحيحا لبلوغ المرحلة الجامعية، وتمكينهم من الالتحاق بأرقى الجامعات العربية والاجنبية، عمدت السيدة نازك الحريري الى إنشاء مدارس في كل من السعودية ولبنان، أبرزها: مدارس نجد الاهلية في الرياض، وثانوية الحريري الثانية وثانوية عبد القادر في بيروت.
ولم يغب عن بال السيدة الحريري العامل الثقافي واهميته في المجتمع عامة، وفي المجتمع اللبناني خاصة، لادراكها بأن لبيروت دورا ثقافيا يتوجب استعادته، فكان قرارها بانشاء جمعية مهرجانات بيروت.
وحددت السيدة الحريري اهداف هذه الجمعية بابراز وجه بيروت التاريخي والحضاري والثقافي، والعناية بالفنون المسرحية والموسيقية والغنائية، والاسهام في التنمية الثقافية والاجتماعية لمدينة بيروت.
وكانت باكورة الحفلات للسيدة فيروز ليل السابع عشر من ايلول 1994 بحضور 50 الف شخص جمعتهم في ساحة الشهداء، في بيروت للمرة الاولى منذ نشوب الحرب، كما ارادت السيدة الحريري دليلا على عودة اللحمة بين ابناء الوطن الواحد الذين فرقتهم الحرب والبغضاء دون ارادتهم، وجاءت بمثابة الاعلان عن قيامة بيروت وعودة الروح اليها.