أستراليا جزيرة الأحلام

نجاة فخرى مرسى

تحتفل أستراليا فى يوم 26 يناير ( كانون ثانى ) من هذا العام 2007حكومة وشعبا بمرور 237 عام على تأسيسها , منذ اكتشاف الكابتن كوك لجزيرة الأحلام عام 1770 , وعلى اثر خسارة بريطانيا للمستعمره الأمريكيه بعد حرب التحرير والاستقلال الأمريكيه , اتجهت بريطانيا نحو أستراليا كبديل لتوطين رعاياها عبر البحار , فكان أن أبحر أول أسطول بريطانى مكون من 11 سفينه بقيادة الكابتن آ رثر فيليب تحمل 1500 بريطانى , من بينهم 800 من المسجونين فى سجونها .
كان عام 1788 تاريخ وصول أول دفعه , استقرت فى سدنى وباراماتا , وكان تعداد سكان أستراليا الأصليين ( الأبوريجين ) فى ذلك الحين حوالى 300,000 نسمه , ويقول تاريخ أستراليا أن النزلاء الجدد البريطانيين حاولوا ابادة السكان الأصليين للسيطره التامه على الأرض الجديده , وأن عمايات الاباده كانت تسير جنبا الى جنب مع عمليات استقطاع المساحات الشاسعه من الأراضى المنتقاه وامتلاكها بوضع اليد , ومن الثابت حاليا أن ما تبقى من الجنس الأصلى لا يزيد عن 140,000 نسمه .
فى حوالى عام 1851 جذب اكتشاف الذهب فى ولاية نيو ساوث ويلز , وفى مدينتى بالارات وبندجو فى ولاية فكتوريا , ولفت أنظار أعداد كبيره من التجار والمغامرين من جميع أنحاء العالم , كما بدأت حركة مد السكك الحديديه وشق الطرقات وبناء المصانع ورافقتها حركه هجره " معانه " وغير منظمه كان أكثرها من بريطانيا وبعض البلاد الأوروبيه .. وصدرت دساتير لأكثر الولايات , ثم فى عام 1901 تم توحيد ولايات أستراليا السته فى اتحاد فدرالى تشرف عليه حكومة الكومونولث الفدراليه , وأنشئت العاصمه الفدراليه كانبرا .
أما اليوم يتكون المجتمع الأسترالى من 140 فئه اثنيه تتكلم أكثر من 90 لغه , بعد أن كان يضم الأكثريه الأنجلوساكسونيه والأوروبيه , وأكثر من ذلك
-2- أصبحنا نسمع كل يوم عن مجموعات انسانيه وقانونيه تنادى بحقوق الشعب الأصلى لتساعده للحصول عليها .. كما أصبحت نسبة المهاجرين الغير أوروبيين تقدر بحوالى 33% , مما جعل الأحزاب السياسيه تقدر أصواتها فى المعركه الانتخابيه , فتعد بتقديم خدمات أكثر .
سارت حركة العمران بشكل سريع ورائع تبشر بأهمية هذا التنوع وبأن جزيرة الأحلام ستصبح قارة المستقبل , خصوصا بعد ما حققته من انتصارات علميه وضعتها فى المقدمه مثل أبحاث أطفال الأنبوب , وغيرها من الأبحاث الطبيه الهامه , الى جانب النجاحات فى المجالات الرياضيه العالميه.
من العوامل المساعده فى ترسيخ قوانين اجتماعيه انسانيه للمجتمع , كان اكتشاف مناجم اليورانيوم ومناجم الماس فى أرضها مما جعلها قادره على تنفيذ برامجها , ولولا سياسة بعض الحكام وميولهم نحو المشاركه فى حروب الآخرين فى جبهات بعيده عن أستراليا , لكانت أستراليا الآن فى مقدمة الدول المتقدمه وأرضا للسلام .
بقلم يحب أن يسجل الولاء , أقدم لجزيرة الأحلام هذه السطور الصادقه معبرة فيها عن ولائى وولاء كل مهاجر جاء معجبا أو جاء مضطرا لظروف أوطانه , اتسع صدر أستراليا وقلبها لاحتضانه , بعد أن ضاقت أرضه وأرض الله الواسعه عن احتضانه , لأن لكل مغترب أسبابه ودوافعه التى دفعته الى ترك أرضه وموطنه ليجد فى أستراليا أرض الحريه موطنا جديدا , ومصدرا للرزق وتحقيق آمال وأحلامه فى الاستقرار والنجاح وتحقيق الذات .
قد يعانى أكثرنا من عقدة المهاجر , ومن ازدواجية الولاء لوطنين الوطن القديم الذى يحب والوطن الجديد الذى يحترم ويقدر,و يحمل له الولاء التام .. وقد يعانى أكثرنا من صعوبة التأقلم أو من عدم اتقان اللغه أو من اختلاف العادات والتقاليد , فينعكس ذلك على صحته النفسيه والاجتماعيه وعلى انتاجه ونجاحه, كما كان يتوقع ويعانى ما يعانى من خوف على
-3- عاداته وتقاليده وقيمه وذكرياته أو قد يكون مبعثا لوجود فاصل اجتماعى وزمنى بين الأب وأولاده الذين ولدوا ونشأوا فى المهجر, أو بين الأم وأولادها الذين أجادوا لغة المهجر التى تجهلها الأم مما صعب التفاهم فى الأسره, لكن أستراليا التى كانت فى الماضى تضع بعض العراقيل أمام فئة ما من المهاجرين وتتجاهل بعض حقوقهم التى كانت تحد من طموحاتهم , هى أستراليا التى أصبحت حكوماتها اليوم توفر لها الفرص وتساعدها على الاحتفاظ بتراثها وعاداتها وعباداتها , فوفرت فيما وفرت تعليم اللغه الانجليزيه مجانا , واعتمدت بعض اللغات الاثنيه فى المدارس الخاصه والرسميه , وأعلنت المجتمع المتعدد الحضارات , ثم شجعت المهرجانات الدوليه , التى تتسابق فيها الجاليات فى عرض حضاراتها وحرفها وفنونها , هذا الى جانب انشاء معاهد لتعدد الثقافات , وتعدد الفنون , وانشاء الهيئات الحكوميه لمنع التفرقه والتمييز ضد المهاجرالقديم والحديث , وأسست مفوضيات لشؤون المهاجرين للمشاركه فى التخطيط والتعرف على شؤونهم وحل مشاكلهم , ووحدات مراكز صحيه واجتماعيه ودور حضانه حديثه لخدمة الجميع .. ولم تنس انشاء محطات بث اثنيه تصرف عليها الدوله , وتقدم هذه المحطات برامجها بحوالى 45 لغه من اللغات الموجوده والمتداوله فى المجتمع ، ومحطة ال اس بى اس الاذاعيه والتليفزيونيه خير مثال , فأصبحنا نرى ونسمع الكثير عن أنشطة الجاليات وأخبارها , بل ونحصى أنفاسها الهادئه المطمئنه .
أما ظاهرة تمسك الانسان بتقاليده وتراثه وذكرياته هى ظاهره طبيعيه ولا يمكن التخلى عنها بسهوله , وهذا ما عبر عنه الشاعر الفلسطينى المبدع
-4- عبد الكريم السبعاوى فى قصيدته التاليه:
- أنشوده الى أستراليا
قد تكون سماؤك أكبر
ونجومك أكثر
وسحابك أغزر
قد يكون ترابك مسك وعنبر
والحصى فيه تبر وجوهر
وينابيع سكر ..
قد تكونين واحة هذا الزمان
وظلك يمتد حتى النهايات أخضر
قد أغير فيك مراح شبابى
وطراز ثيابى
وأطباق مائدتى وشرابى
قد أغير صحابى
صحفى التى تعودت أغنيتى وكتابى
قد أغير حتى لسانى
ولون اهابى
وأكثر وأكثر وأكثر..
ولكننى لن أغير قلبى فقلبى لا يتغير.