تعريف العلمانيه

نجاة فخرى مرسى


بعد أن أصبحت العلمانيه موضوع الساعه , وبعد أن نادت بها قيادات سياسيه فى العالم، ثم أضافت اليها أبعد ما تكون عن العلمانيه ، فاختلطت الأوراق ، وأصبح من العسير فهم المقصود من كلمة العلمانيه .
رأيت أن أبحث لها عن تعريف مبسط يوضح أهمية تطبيقها وفوائدها على وطننا الذى تحرقه الصدامات الطائفيه , فاستنجدت ببعض المراجع لأننى أعتقد أن العلمانيه لو طبقت تطبيقا صحيحا لأعطى السياسه معناها الحقيقى ، وجعلنا نتقرب منها بدلا من الابتعاد عنها , العلمانيه بكل بساطه تحدد الخطوات المتبعه للتوصل الى فصل الزمنيات عن اللازمنيات , أو بالأحرى فصل الدوله عن الدين. ان العلمانيه تعطى كل ذى حق حقه .. وكان دخولها فى عصر النهضه سهلا لوجود البنيه السياسيه والاجتماعيه ولأن الوعى العلمى وفلسفة العقيده المسيحيه التى تؤمن باعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله ، كما ركزت على النواحى الخلقيه والاجتماعيه وكذلك وجود القانون والسلطه فى العهد الرومانى ، ولم يكن هناك حاجه لاحلال قوانين من التعاليم الدينيه ، بينما نجد أن رسالة الدين الاسلامى جاءت فى وقت كان العرب يفتقدون السلطه والقانون ، وكانت الحروب القبليه منتشره بشكل دائم ، مما أدى بطبيعة الحال الى أن الاسلام لم يكتف بالتعاليم المتعلقه بالسماء بل عالج الأمور الدنيويه , فكان بمثابة دستور مدنى بالنسبه لعرب الجزيره فى ذلك الحين .

يتضح لنا من ذلك أن تطبيق العلمانيه لبلادنا ليس بالأمر السهل , ويحتاج الى وسائل ملائمه تختلف عن الوسائل المطبقه فى أوروبا النهضه ، وبكل ايجاز واختصار أن العلمانيه والحركات الداعيه الى تطبيقها فى لبنان تحتاج حسب المرجع المعتمد الى:

أولا : ايجاد المناخ الملائم لجعل الفكر العلمانى مقبولا لدى القيادات الدينيه ، واشعار المتمسكين بتعاليم أديانهم أن العلمانيه لا تعتبر خطرا على العقائد الدينيه ، بل أنها ترفع من شأنها وتبعدها عن المخاطر والمشاكل السياسيه.

ثانيا : عمل الحركات العلمانيه على ايجاد التقارب والتفاهم بين المذاهب الروحيه المختلفه ، لا أن تحاول العيش على تناقضاتها , وبذلك تبدأ الخطوه الأولى لفصل الدين عن الدوله ، لأن الذين يحاولون اقحام الدين فى النظم السياسيه , سيفقدون الدوافع للتدخل فى أمورها .

ونريد فى ختام البحث أن نذكر الفارابى ، أنه عندما عمل للتوفيق بين الفلسفة والدين كان يقصد ايجاد الانسجام بين الفلسفة والدين كخطوة أولى لفصلهما عن بعض .

ملبورن-أستراليا فى 2/3/2007