الكتاب المفتوح


نجاة فخرى مرسى


قرأت كل ما وصلت اليه يدى فى الصغر والكبر , حتى كتب الأطفال , ومع ذلك بقى فى نظرى أهمها وأفضلها كتاب أطلقت عليه اسم " الكتاب المفتوح " , وهو كتاب الطبيعه المفتوح أبدا , والمتجدد أبدا , والساحر أبدا , الثابت المتغير .. الهادىء الصاخب .. الساحر المروع .. المشرق المظلم .. والأخضر واليابس , يمكن الانسان أن يقرأه كل يوم , وكل ساعه بل وكل لحظه فى وقفة تأمل واحدة , فيشكر الخالق ويسبح باسمه .

أحاول أن أفسر أدوار كتابى المفتوح , بتناقضاته , بخيره وشّره , أحاول أن أستوعب صفحاته , أن أقارن بين زقزقة شحاريره وبلابله وعصافيره , وبين نقيق ضفادعه , ونعيق غربانه , وفحيح ثعابينه وأفاعيه .. أحاول أن أقارن بين وداعة نعاجه ، وخطورة ذئابه وأسوده ونموره .. أعاصيره وفيضاناته , بحاره وأنهاره وما فيها من قروش وحيتان وتماسيح .. وبين أجوائه وما فيها من بعوض وجراد وفيروسات ، وبين سمائه الزرقاء وأنسامه المنعشه .

أحاول وأحاول أن أقارن بين نوره وظلامه , بين نهاره وليله , بين شمسه وقمره ، وبين غيومه وصفاء سمائه , فأتوه وأشعر بعجزى كانسان عن فهم هذه الأحاجى والمنظورات التى تحيط بى , فأعتبره ذروة الجمال , وذروة التحدى بين الورود وأشواكها , والطيور وأعشاشها , والعبير وقدرته على الانتشار والوصول الى خياشيم كل انسان بلا تمييز .

ويبقى كتاب الطبيعة المفتوح أبدا يتحدى بقدرة خالقه جميع الكتب المكتوبة والمقروءة بكافة أنواعها ويبقى هذا الكتاب اللوحة الجماليه الأبديه كمتحف مفتوح ومصدر للشعر والايحاء والايمان الى أبد الآبدين .

ملبورن- أستراليا 2007